يثيرنا دائما مسلسل القصص المؤلمة التي تحدث جراء العنف الأسري باعتبار تفشي هذه الظاهرة سمة خاصة تميز مجتمعاتنا العربية، ولا تخلو منها المجتمعات الأخرى، وبينما توضع لها القوانين التي تلزم الحكومات بتصديقها وتوقيعها كما فعلت "تركيا" عام 2011 للإقرار بالحقوق الإنسانية وحماية المتضررين من الإيذاء والمتمثلة في العنف النفسي والجسدي والتحرش وغيره، فالخلافات الأسرية تأخذ شكلها المخيف والمتخفي في حالات كثيرة غير مبلغ عنها في مجتمعنا، وذلك ضد النساء والأطفال باعتبارهم الضحايا الرئيسيين للعنف الأسري.

ولو تناولنا قضية الطفلة المعنفة ذات العشر سنوات في عرعر، وحسب تقرير أعدته "الوطن" في الأسبوع الماضي، نلاحظ أن التمادي في عنف الأطفال الثلاثة والاستمرار في قتل إنسانيتهم وآدميتهم بالطريقة التي تكفلها العادات الاجتماعية والثقافة المتمثلة في التغاضي وصمت الأطفال وجيرانهم، وعدم إدراكهم بأقل قيمة للحقوق الإنسانية، قد أودى بإحدى الفتيات إلى العناية المشددة جراء ضرب والدها، ورغم محاولة والدتهم في نقل حضانتهم لها، إلا أن النتيجة العلاجية للأمر كانت في إدخالهم إلى دار الإيواء، الذي اعتبره هروبا من العذاب وإليه، نظرا لما ينقص بعض دور الإيواء من مقومات الرعاية.

إذا كان من المفترض أن يعاقب الوالدان في حال وقوع الحوادث الناجمة عن إهمال الأطفال، فكيف إذا كان الوالدان أو أحدهما هو من يتسبب في ذلك، الأمر الآخر يأتي في الوعي بقيمة وأهمية أن يشعر الفرد بالأمان، وتبني المحاربة ضد هذه الظاهرة التي تتكرر مسائلها بشكل مأساوي وخطير، وأن يكون العمل على هذا الأمر إلى جانب العمل الوطني، وأن يأتي ذلك على الصعيد الاجتماعي والتنظيمي معا.

أقصر الطرق للحصول على آلية مرضية تنظم المجتمع هو توعية الفرد بحقوقه الذي يجب أن يبدأ من المدارس، وتعليم الأطفال طريقة الإبلاغ وكيفية التعامل مع من يعنفهم حتى ولو كان من داخل الأسرة، فهل سننتظر أن يحدث المزيد من العاهات النفسية والجسدية التي قد تدخل المتضرر منها إلى المستشفى، وربما تقتله؟!