على الرغم من الميزانيات الضخمة التي رصدتها إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما لبرنامج يهدف إلى تغيير أنظمة الحكم في منطقة الشرق الأوسط، عبر دعمها لجماعة "الإخوان المسلمون" وحركات الإسلام السياسي، إلا أن ذلك المخطط باء بالفشل في عديد من الدول المستهدفة ومنها دول خليجية وجمهورية مصر العربية.
وفضح تقرير سري، حصلت عليه "ميدل إيست بريفنج" المتخصصة بالدراسات الشرق أوسطية، وتم الإفراج عنه من وزارة الخارجية الأميركية عبر قانون حرية المعلومات، الدور الأميركي في المنطقة الذي بدأته منذ العام 2010.
وتستهدف المخططات الأميركية، وفقا للوثيقة، 18 دولة من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأعطت أولوية فيها لكل من اليمن والسعودية وتونس ومصر والبحرين، قبل أن تلحق بهم كل من ليبيا وسورية، واستثنت من تلك التوجهات دولة إيران.
وأوضحت الوثيقة، أن الهدف الرئيس للخارجية الأميركية هو برنامج إقليمي لتقوية المنظمات والحركات في منطقة الشرق الأوسط يسعى لتشجيع وقيادة وتوجيه التغييرات في الدول المستهدفة، لاستبدال وتغيير السياسات الداخلية لصالح أهداف السياسة الخارجية والأمن القومي للولايات المتحدة الأميركية.
كشف تقرير سري أن إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما انتهجت سياسة الدعم السري للإخوان المسلمين وجماعات الإسلام السياسي في الشرق الأوسط منذ عام 2010، وذلك طبقا لوثيقة صادرة من وزارة خارجية واشنطن، وحصلت عليها "ميدل إيست بريفنج" المتخصصة بالدراسات الشرق أوسطية عبر قانون حرية المعلومات.
وتفصح الوثيقة أن الدعم السري للإخوان المسلمين والجماعات المسلحة، يأتي بناء على حملة لإدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما لتغيير الأنظمة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
الوثيقة الصادرة في 22 أكتوبر 2010، تحت عنوان "نظرة عامة حول مبادرة الشراكة في الشرق الأوسط"، حددت هيكلية متطورة لبرامج وزارة الخارجية الأميركية الرامية لتأسيس منظمات مجتمعية مدنية، وبخاصة المنظمات غير الحكومية، لاستبدال وتغيير السياسات الداخلية للبلدان المستهدفة لصالح أهداف السياسة الخارجية والأمن القومي للولايات المتحدة الأميركية.
وأشارت الوثيقة إلى أن الأولوية الخاصة أعطيت في مطلع 2010 لليمن والسعودية وتونس ومصر والبحرين، حيث تم اتخاذ مقرات المشاريع الرئيسة لتنفيذ ذلك في عاصمتين عربيتين؛ حيث توجد مراكز تنسيق كاملة لبرنامج المنطقة بأكملها. وفي غضون سنة من إنشائها تمت إضافة ليبيا وسورية لقائمة الأولوية في التدخل مع مؤسسات المجتمع المدني.
وأوضحت الوثيقة التي تحتوي 5 أوراق، وتستخدم لغة دبلوماسية، أن الهدف الرئيس للخارجية الأميركية لبرنامج الإقليمي لتقوية المواطنين في منطقة الشرق الأوسط يسعى لتشجيع وقيادة وتوجيه التغييرات في البلدان المستهدفة: "مبادرة الشراكة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لتطوير مجتمعات أكثر تعددية وتشاركية وازدهارا".
وكما توضح الأرقام الواردة في هذه النظرة، فإن المبادرة تطورت منذ نشأتها عام 2002 لتصبح أداة مرنة وذات انتشار إقليمي للدعم المباشر للمجتمعات المدنية الأصيلة، التي تحشد هذا الدعم في العمل اليومي لوكيل عام الدبلوماسية في المنطقة. وتشارك المبادرة جميع بلدان الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، باستثناء إيران.
وتم العمل مع 7 دول من أصل 18 دولة في المنطقة، مع بعثات الوكالة الأميركية للتنمية، وجاءت النقاشات على مستوى البلد، والتواصل بين مبادرة الشراكة ووكالة التنمية في واشنطن، تضمن أن جهود البرنامج متكاملة.
وفي قسم من الوثيقة التي نشرتها "ميدل إيست بريفنج المتخصصة بالدراسات الشرق أوسطية المعنون "كيف تعمل مبادرة الشراكة الشرق أوسطية"، حددت ثلاثة عناصر أساسية وجوهرية للبرنامج: البرنامج على مستوى المنطقة وعلى مستوى البرنامج متعدد البلدان، والمنح المحلية، والمشاريع الخاصة بكل بلد على حدة.
وقد وصفت أهداف العنصر الأول "البرنامج على مستوى المنطقة والبرنامج متعدد البلدان" على النحو التالي: "تأسيس شبكات من الإصلاحيين لتتشارك فيما بينها، ويشد أزر بعضها بعضا، وتعمل على تحفيز التغيير التدريجي في المنطقة"، أما العنصر الثاني المختص بالمنح المحلية فيهدف إلى "تقديم الدعم المباشر لجماعات مدنية، وتمثل الآن أكثر من نصف مشاريع مبادرة الشراكة الشرق أوسطية، أما العنصر الثالث المختص بالمشاريع الخاصة بكل بلد على حدة فيهدف إلى تعيين مسؤولين من السفارات الأميركية لإدارة التمويل والتعاون والاتصال المباشر في تمويل المنظمات غير الحكومية، ومنظمات المجتمع المدني الأخرى، كما تكلف للاستجابة للتطورات المحلية والاحتياجات المحلية، التي يتم تحديدها من قبل السفارات في البلدان، والإصلاحيين المحليين، والتحليل والاستقصاء الميداني.
ومن الممكن للتطورات السياسية في البلدان أن تنتج فرصا جديدة أو تحديات لأهداف سياسة حكومة الولايات المتحدة، وسوف يقوم برنامج الشراكة بتحويل الأموال للاستجابة لهذه الاحتياجات.
ووفقا لوثيقة أكتوبر 2010، يتحمل نائب رئيس البعثة في كل سفارة للولايات المتحدة في الشرق الأوسط مسؤولية برنامج مبادرة الشراكة الشرق أوسطية، ويعطيها أولوية كبيرة. وأكدت الوثيقة بشكل واضح وجلي أن المبادرة لا يتم التعاون فيها مع الحكومات المضيفة للسفارات، "تعمل مبادرة الشراكة الشرق أوسطية في المقام الأول مع المجتمع المدني، عبر العناصر المتنفذين في المنظمات غير الحكومية، الذين يأخذون من الولايات المتحدة ودول المنطقة مقرا لهم، ولا تقدم الأموال للحكومات الأجنبية، ولا تفاوض اتفاقيات التعاون الثنائية. ويمكن نقل الأموال عبر الدول إلى المناطق التي تستدعي ذلك، وفقا للحاجة الطارئة فيها.
وأصدرت وثيقة وزارة الخارجية الأميركية كجزء من دعوى بموجب قانون حرية المعلومات، والتي ركزت على توجيه الدراسات الرئاسية رقم 11، والتي لا تزال "سرية"، ولم يفرج عنها حتى الآن للعامة.
ووفقا لمصادر المبادرة، فإن توجيه الدراسات الرئاسية 11، والذي يشير لخطط إدارة أوباما لدعم جماعة الإخوان المسلمين والحركات المتحالفة معها "الإسلام السياسي"، والتي أعتقد حينها أنها متوافقة مع أهداف السياسة الخارجية للولايات المتحدة في المنطقة.
ويتم توجيه المبادرة حاليا من قبل بول ساتفين، الذي كان يعمل سابقا قنصلا عاما للولايات المتحدة في أربيل بالعراق، فيما عمل مؤخرا مديرا للشؤون الإسرائيلية والفلسطينية في مكتب وزارة الخارجية لشؤون الشرق الأدنى. أما نائبته فهي كاترين بورجوا، التي تم تعيينها بداية في مبادرة الشراكة الشرق أوسطية في فبراير 2009 كرئيسة شعبة السياسات والبرمجة، وكانت لمهامها السابقة في وزارة الخارجية دور في تطوير تقنية المعلومات، واستخدامها في تحقيق أهداف السياسة الخارجية للولايات المتحدة.
وقد أشرف اثنان آخران من كبار مسؤولي وزارة الخارجية على تطوير البرنامج والتوسع به، منذ صياغة مسودة وثيقة أكتوبر 2010، وأوضحا تحولها إلى قوة لتغيير الأنظمة. وعين توميكاه أس تيليمان، كبيرا لمستشاري المجتمع المدني والديمقراطيات الناشئة من قبل وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون في أكتوبر 2010، وهو لا يزال في هذا المنصب في عهد الوزير جون كيري. وكان تيليمان مؤسسا لمؤسسة لانتوس لحقوق الإنسان والعدالة، وهي منظمة غير حكومية نفسها سميت باسم جده توم لانتوس، عضو الكونجرس الأميركي السابق.
وتم تعيين السفير ويليام بي تايلور، في سبتمبر 2011، لرئاسة مكتب التنسيق الخاص لتحولات الشرق الأوسط، بعد أن شغل منصب سفير الولايات المتحدة في أوكرانيا خلال "الثورة البرتقالية" في فترة 2006-2009. ووفقا لوثيقة وزارة الخارجية، "فإن مكتب المنسق الخاص لتحولات الشرق الأوسط (D / MET)، الذي أنشئ في سبتمبر 2011، يقوم بالتنسيق لمساعدة حكومة الولايات المتحدة في دعم الديمقراطيات الوليدة، والناشئة عن الثورات الشعبية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (MENA ). كما ينفذ المنسق الخاص لشؤون التحولات في الشرق الأوسط استراتيجية مشتركة بين الوكالات لدعم التحولات الديمقراطية في البلدان المعنية - وفي الوقت الراهن، ومصر، وتونس، وليبيا.
وسيتم إصدار الوثيقة كاملة قريبا، لتكون متوفرة كجزء من تقرير خاص بمركز MEB للاستشارات، حول برنامج تحولات الأنظمة، ونتائجها على المنطقة.