خروج الفنان المبدع عن النص يمنحه إبداعا أكثر، وكذلك خروج المسؤول الواعي عن النص يمنحه نجاحا أكبر.

لماذا نفرح بكسر وزير التربية والتعليم الأمير خالد الفيصل للبروتوكول المعد لزيارة بعض المدارس كما حدث في منطقة حائل؟

لأننا مثل المسؤول "الواعي" لا نثق بالرسميات التي تمنح "المقصر" فرصة التساوي مع "المجتهد"!

لم يعد شيء يخفى، ولا أظن أحدا في "حائل" أو خارجها لم يسمع بجدول جولة وزير التربية والتعليم على مدارس حائل خلال زيارته للمنطقة، لكن الوزير كان أكثر وعيا، فغير المسار وتجول في مدارس ليست ضمن الجدول؛ لأنه يريد أن يرى الأشياء كما هي، لا كما يُراد له أن يراها!

وأذكر أن وزير الشؤون البلدية الأمير منصور بن متعب، استجاب بأريحية للصحفيين، وغير مسار جولته في شوارع مدينة عرعر، وشاهد الأحياء والشوارع كما هي بلا تجميل، بينما ظلت بعض الشوارع التي كانت مجدولة في الزيارة خالية إلا من "أسفلت" جديد ونظافة لم تحلم بها من قبل!

هذا الفكر الواعي بدأ ينتشر بين المسؤولين الكبار، بينما لا يزال "بعض" مسؤولي المناطق يكافحون لتبقى الزيارات مجدولة ليتم الاستعداد لها جيدا؛ ظنا منهم أن المسؤول الكبير لا يريد أن يرى المدرسة السيئة، والشارع الرديء، والحي الذي تنقصه الخدمات، ولو كان المسؤول الكبير يريد ذلك لبقي في مكتبه، واكتفى بتقارير مسؤولي المناطق التي تصله بمعنى واحد: "كله تمام يا أفندم"!

كنت ومازلت أقول إن المسؤول الذكي لا يجهل أن زياراته المعلنة رسالة "شبه صريحة" لمسؤولي المدن المُزارة ليتحركوا ويعملوا شيئا لمدنهم وأهلها، فلا تظنوا أنه لا يرى حداثة "الأسفلت" الذي يمر عليه، وألوان الأرصفة التي لم تضربها الشمس، وكيف تحولت مدرسة إلى "نموذجية" بين ليلة وضحاها!

ومازلت أقول لو كنت أعرف مستشاري الوزراء لاقترحت عليهم أن ينصحوا الوزراء بأن يعلنوا جدول زياراتهم للمدن قبل عام كامل ليكون الاستعداد طوال العام ليستفيد المواطن من بركات الزيارة. زد على ذلك إن كان الوزير واعيا فيجنح قليلا عن جدول الزيارة ويخرج عن النص، ليبعث رسالة أخرى بأنني لا أنخدع بقدراتكم على إجراء عمليات التجميل، وسأبحث بنفسي عن التجاعيد التي لم تصلها عملياتكم التجميلية!

(بين قوسين)

علانية زيارة الوزير، وخروجه عن النص؛ سيجعلان مسؤولي المناطق يهتمون بكل شيء، أو ستكشف الحقيقة، وفي الحالتين المواطن مستفيد.