من الظواهر الحميدة في مجتمعنا السعودي، التي تسعد بها الأنظار خلال شهر رمضان المبارك، كثرة المتسابقين على الخيرات من متصدقين، ومبادرين إلى الخير، خلال هذا الشهر الفضيل، قد تجدهم حتى عند الإشارات المرورية قبيل موعد الإفطار.

وبحسب إحصائيات وزارة الشؤون الاجتماعية، فإن المملكة لديها قرابة الـ591 جمعية خيرية متنوعة في نشاطات عدة، وتمثل جمعيات البر النسبة الأكبر منها إذ تبلغ عددها 510 جمعيات للبر منتشرة في كافة أرجاء الوطن.

ومن المسؤولية الاجتماعية علينا كمواطنين، أن نتنافس مع تلك الجمعيات التي توفر المواد الغذائية، والاحتياجات الرمضانية لمنازل ذوي الدخل المحدود، لاسيما في شهر رمضان، بل على مدار العام، وذلك بالمبادرة وتوفير مستلزمات منازل سكان الحي المحتاجين، ويمكن أن نعرف عن المحتاج بسؤال جماعة المسجد.

ولا تعكس دعوتي لهذا التنافس السامي بين المواطنين والجمعيات، أن هناك قصورا في الدور الذي تقوم به جمعيات البر، ولا أنسى أن للمواطن الفضل بعد الله، في دعمه لتلك الجمعيات، عبر الحسابات البنكية، أو الحضور الشخصي لأقرب جمعية.

دعوني آخذكم إلى نموذج بسيط يمكن أن نعمل على تطبيقه خلال هذا الشهر، جهز إفطاراً يكفي لـ50 يتيماً، واذهب به إلى دار للأيتام، شاركهم اللحظات الروحانية فقد تكون تلك السويعات التي ستقضيها مع عائلتك الموقتة طريقك إلى الجنة.

هل تريد نموذجاً آخر، إن كنت تسكن في مدينة يصعب فيها أن تجد محتاجاً، أدر محرك سيارتك، تحرك من صخب مدينتك وازدحامها، توجه لأقرب القرى المجاورة، قدم ما تجود به نفسك من مال أو موائد، بلا شك ستجد محتاجاً في وقت قصير، ففي كل كبد رطبة أجر.

للخير في هذا الشهر الكريم طرقات كثيرة، واستخدام طرق الخير المتنوعة كافة، يستلزم تكاتف الجميع ممن رزقهم الله ولديهم القدرة على سد حاجة أهل بيتهم وأكثر، وبذلك سنجد منازل أهل الخير في رمضان تتحول إلى جمعيات خيرية، تساند الـ591 جمعية خيرية في المملكة.

وبتزاحم وتنافس الجميع للعبور في تلك الطرقات، سنأخذ مجتمعنا، إلى فضاء أكثر إنسانية ورحمة، ولا نبتغي بذلك إلا رضا الله وحده، ولذلك أثر إيجابي، سينعكس على وطننا، برحمة الله، الذي أوصانا كمسلمين بأن نقف لحاجة إخونا المسلم.

قس أثر أي عمل فيه خير، عندما تقدمه لأهل بيتك، كيف ستكون انعكاساته؟ الخير لا يجلب إلا خيراً، وسع دائرة بصرك، ضع ذلك الخير لسكان حيك، بلا شك إيجابية عملك ستكون أعظم، ما بالك لو أن في الحي الذي تسكنه 10 أشخاص قاموا بنفس دورك، ما أروع هذه الصورة، ستكون غاية الجمال عند مشاهدتها على أرض الواقع.

بلا شك إن ما ستستلذ به روحك بهذه الأعمال الروحانية الرمضانية، ستجعل منك شخصا تواقا لشهر الرحمة والغفران، لك الحمد والشكر يا ربنا على نعمة الإسلام، ديانة تجعل من ابتساماتنا لبعضنا البعض صدقات، دين خير وتسامح وتراحم، في مجتمع لا يتوانى عن فعل الخيرات.

أيضاً لا ننسى مسلمي الجاليات الغرباء في وطننا، لنأخذهم من حزن الغربة، إلى فرحة الأرواح بهذا الشهر، لنساندهم وندعوهم إلى موائدنا الرمضانية المتنوعة، أو لنشاركهم الإفطار في المخيمات المجاورة لمساجد أحيائنا، لا ندعهم بهذه العزلة، فلنتصدق بأخلاقنا أيضاً.

وقبل النهاية، لنتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص: "إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها، حتى ما تجعل في فم امرأتك".

ختاماً.. كل عام ومجتمعنا بالخير ينبض.