أيمن زريعة الشيخ


تعريجا على بعض الأخبار الصحفية في وسائل الإعلام المختلفة، كالتلفاز والصحف اليومية خاصة، يجد المتخصص أنه أمام علامة استفهام كبرى عن الدور الذي تؤديه بعض المؤسسات الإعلامية بخلاف نقل الأخبار والإعلان عن المنتجات.

فالمفهوم العام للإعلام هو التوعية، ولا يصح أن تصبح هذه الوسائل الإعلامية ممارسة للدور التسويقي بحذافيره، وإن كان التسويق جزءا من المنظومة الإعلامية، ويعتمد عليه في الاستمرار.

مصطلح "المدن الذكية" ـ وكغيره من المصطلحات المتخصصة ـ أظهرته بعض وسائل الإعلام بمفهوم قاصر عن حقيقته، وعزز للدور التسويقي أكثر من الدور التوعوي، وليتضح ما أتحدث عنه، فقصور مفهوم المدينة الذكية لدى بعض الصحف، أدى إلى اعتبار أي تطور تقني كتركيب كاميرات المراقبة مثلا سيجعل من المدينة ذكية، وكذلك تداخل المفهوم لدى البعض في اعتبار بعض أنظمة البيئات المستدامة وإعادة الاستخدام أنها حقيقة مصطلح المدينة الذكية، وهذا مخالف جدا للتوصيف العلمي والمهني للمصطلح.

فالمدينة الذكية ليست مفهوما تقنيا بحتا فقط، بل تمتد إلى المساس بكل جوانب الحياة المدنية والإنسانية والبيئية من بيئة ومجتمع وعمل ومنظمات وهيئات وأنظمة حكومية وخدمات البنية التحتية والخدمات التعليمية والصحية والأكاديمية والجوانب الاقتصادية؛ إضافة إلى التنمية البشرية التي تقود هذه الجوانب للوصول إلى تحقيق المفهوم الحقيقي للمصطلح.

ولهذا فإن طريقة اجتثاث المصطلح من موقعه ومحاولة تمريره على العامة بأنه لا يعدو أن يكون عملا تقنيا وتصويرا لبعض الجهات الحكومية والخاصة بأنها حققت متطلبات تحقيق المدن الذكية يعدّ عملا تسويقيا أضر أكثر مما نفع، فالغالب أن المجتمع يقرأ لهذه الصحف وينطق بلسان حالها، ويجادل باعتبارها مصادر يتلقى منها المعلومات الصحيحة والأكيدة، وسيتعزز لدى المتخصص مفهوم أنه لا يعدو عن أنها "كلام جرائد" وأسلوب تسويقي تمارسه الصحف؛ لتنتهي معها أوراق الصحف بأحسن الأحوال إلى أن تكون سفرة طعام.