حمد عبدالعزيز الكنتي
تواجهنا ابتلاءات شتى، ابتلاءات من كل نوع، فنُبتلى في أنفسنا، وأهلينا، ومن يعز علينا، وإذا توقف عنا الابتلاء برهة، شاهدنا بأعيننا ابتلاءات غيرنا، وهكذا يدور من حولنا الابتلاء بكل أشكاله وأصنافه، وتلك حتما صيرورة كونية فالله يقول: "الم، أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون".
والابتلاء كما يقول الدكتور علي شراب: "يكون الابتلاء إما للتطوير أو التطهير"، فالله يبتلينا ليمحصنا ويختبرنا هل سننجح في الاختبار أم لا؟ إذ يقول الله في محكم آياته: "ليبلوكم أيكم أحسن عملا".
والابتلاء أيضا يكون بحسب مقام الإنسان عند ربه، فكلما ارتفعت طموحاتك ابتلاك الله، فالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان هو الصادق الأمين لدى قريش، وحكموه في وضع الحجر الأسود في الكعبة إلى آخر ذلك من الامتيازات، ولكن بمجرد أن أصبح نبيا بدأت تواجهه الابتلاءات والمصاعب وظلت تتفاقم.
ويقول الدكتور علي شراب، "إن اختبار الطلبة في المرحلة الابتدائية يختلف عن اختبار الطلبة في المرحلة الجامعية وتتفاوت الصعوبة بحسب المنزلة والقدرات العقلية؛ لأن الابتلاء مراتب ومن خلاله نعرف من يستحق الامتياز ومن يستحق الرسوب"، وكلما استحضر الإنسان أنه موجود في الحياة ليُبتلى، وأن لهذا الابتلاء مكافأة في حال إن صبر عليه، ستخف حينها عليه المشكلات، وتهون عليه المصائب، ويعرف أن هذه اختبارات ربانية يجهزه الله بها لمرحلة أكبر في رحلة هذه الحياة المتواصلة، ولا يعقل أن ينجح الجميع بلا اختبار؛ لأنه لو كان الأمر كذلك لما كان هنالك عدل في الأرض، إذ قال الله في محكم التنزيل: "وما ربك بظلام للعبيد"، يقول أحد العلماء: "أكمل الناس إيمانا أشدهم ابتلاء"، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلبا اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلي على قدر دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة".
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله إذا أحب قوما ابتلاهم فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط"، فالله يبتلينا لأنه يحبنا وعلينا أن نرضى لنجد المكافأة من رب العزة والجلال.
حكمة المقال، اللهم ارزقنا من اليقين الصادق بك، بحيث أن نعلم أن ما أصابنا لم يكن ليخطئنا، وما أخطأنا لم يكن ليصيبنا.