علاقة الوطن بالمواطن جدلية، خاصة حينما يتحدث الإنسان عن تقاطع الحقوق مع الواجبات. من أي البابين تلج إلى حب الوطن، حينما تحصل على حقوقك، أم حين تؤدي واجباتك؟، وهل تختل العلاقة العاطفية حينما يغلق أحد البابين؟!

ثم هل باستطاعتنا ـ حينما تعلو وتيرة الجدل والخلاف، أو يعبث بنا الهوى ـ أن نمنح صفة المواطنة لهذا ونخلعها عن ذاك؟ هل يحق لنا أن نوزع المواطنة كالهبات والأعطيات؟!

اليوم وبلادنا تحتفل بيومها الوطني الرابع والثمانين، أوجه رسالتي بأحرف خضراء شديدة الوضوح لـ"وطني الحبيب"، فالكتابات الرمادية أشبه بجرعة المخدر، لا تُعالج الجذور ولا تُقدم الحلول.

يا وطني: بيننا اليوم أعداد كبيرة من أبنائك الشباب، ممن يُطلق عليهم القبائل النازحة، أو غير محددي الهوية، أو ممن أوقفت السجلات المدنية لآبائهم لسبب أو لآخر. هؤلاء يدفعون ثمنا لخطأ ليس لهم شأن فيه. وخطوة ليس لهم بها علاقة.

هؤلاء يا وطني أبصروا النور على ترابك، ولا يعرفون حضنا غير حضنك، ولا أرضا سوى أرضك. أنت منطلق خطواتهم الأولى وعثراتهم، وموئل ذكرياتهم وضحكاتهم.

يحبونك لأنهم لم يعرفوا سواك وطنا، ويعشقونك ولم يقبلوا بغيرك بديلا، وأقل ما تُقدم لهم ـ يا وطني ـ هو الاعتراف بهم، وبحبهم لك، وعشقهم لترابك، ونسمات هوائك.

التسويف والتأجيل قتلا أحلامهم، وشتتا آمالهم، وبعثرا طموحاتهم. هؤلاء أبناؤك الشرعيون ـ يا وطني ـ ولا بد لك من الاعتراف بهم، طال الزمان أو قصر.

يا وطني: المسألة ليست معقدة. لكن تعطيلها هو الذي يجعل منها بالغة التعقيد، وذات أضرار غير مُتخيلة على المدى البعيد. كل ما تحتاج إليه هو قرار واضح. قرار تاريخي لا يقبل التسويف؛ يقفز على كل العراقيل، ويتجاوز كل العقبات، ويضع حدا لهذه العذابات والإهانات التي يعيشها أبناؤك وبناتك. افعلها يا وطني أرجوك.