يعد الثالث والعشرون من شهر سبتمبر من العام 1932 يوما استثنائيا في تاريخ المملكة العربية السعودية، إذ أعلن فيه المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن ـ طيب الله ثراه ـ تأسيس المملكة العربية السعودية وتوحيدها ككيان وطني واحد، بعد أن عاش حقبة من الزمن في صراعات، وتناحر، وانقسامات، وتوجهات، وفقر، وجهل.

وفي هذا العام تمر بنا ذكرى مرور أربع وثمانين عاما على تأسيس هذا الكيان العظيم، الذي يتوافق مع الثامن والعشرين من ذي القعدة للعام 1435، وفي هذا اليوم لا بد أن نقف وقفة اعتزاز، وفخر بالإنجازات المتعددة التي تحققت، وبدأها القائد المؤسس الملك عبدالعزيز، وسار على نهجه من بعده أبناؤه الذين تعاقبوا على الحكم حتى أصبحت المملكة العربية السعودية من الدول الأسرع تطورا وتقدما في مجالات حيوية مختلفة.

ولم يقف الأمر عند ذلك، بل أصبحت المملكة بحكم إنجازاتها المتقدمة يُنظر إليها كمرجعية في الكثير من الجوانب، بل تمت الاستعانة بخبراتها، وإنجازاتها في مجالات متعددة من بعض الدول المتقدمة.

وحقيقة الأمر أنه عندما أحاول استعراض ما تم إنجازه في المجالات كافة ـ ولو بشيء من الاختصار ـ لن أتمكن، ولن تتسع له المساحة المسموح بها لمثل هذا المقال، ولا يمكن مناقشة اليوم الوطني بمعزل عن الملك الموحد، والقائد المؤسس لهذا الكيان الكبير.

فقد بدأ بداية قوية، وعمل بجد في التعامل مع مثلث: الفقر، والجهل، والمرض؛ فحارب الجهل من خلال نشر التعليم، وعمل على القضاء على الفقر من خلال التفكير في مصادر دخل مختلفة للحكومة، وأفراد المجتمع، وركز على تقليل نسبة الإصابة بالأمراض، من خلال التوعية الصحية، وإنشاء بعض المراكز الصحية، وما أنجزه الملك عبدالعزيز ـ رحمه الله ـ أثبت لشعبه وللعالم من حوله امتلاكه لرؤى واضحة، ورسالة محددة، وأفكار طموحة، وأهداف واضحة المعالم، وتحقيقها كليا، أو جزئيا تطلب رجلا لديه بعد استراتيجي، ولديه الشجاعة في اتخاذ القرار، ويمتلك حسا استشرافيا موجها لتحقيق ما يصبو إليه بما يخدم وطنه ومواطنيه.

وعند الحديث عن الإنجازات نجد أن هناك إنجازات في جميع المجالات التنموية مثل: التعليم، والصحة، والصناعة، والزراعة، والاقتصاد، والسياسة، والعمران، والثقافة، والإعلام، والتقنية، وغيرها من المجالات، والمتتبع لمسيرة المملكة التنموية التي لها صفة الشمولية يجد أنه تحقق الأمن، والاستقرار، وتم استصلاح الأراضي وتوطين البادية، واستقرار الأسر بعد أن كانت تعمل في رعي الأغنام في الصحراء، وتم توفير الخدمات التعليمية للمواطنين والمقيمين في المملكة، وانتشرت مدارس محو الأمية في جميع مناطق المملكة، وكان هناك توسع في التعليم العام، من خلال انتشار مدارسه في جميع مدن ومحافظات ومراكز المملكة، وآخر دعم للتعليم العام كان ستة عشر مليارا كل عام ولمدة خمس سنوات، وفي هذه الأيام هناك انتشار للتعليم العالي في جميع مناطق ومحافظات المملكة، وآخر هذه الإنجازات صدور موافقة خادم الحرمين الشريفين بإنشاء ثلاث جامعات في كل من: بيشه، وحفر الباطن، وشمال جدة، كما تم التوسع في المشروعات الصحية، فتم إنشاء الكثير من المستشفيات، والمراكز الصحية، وكانت هناك إنجازات عالمية في هذا المجال خاصة جراحة فصل التوائم.

ومن الضروري ألا يكون يومنا الوطني بمثابة إجازة اعتيادية فقط، بل علينا أن نتأمل حقيقة ومفهوم هذا اليوم، وأن ندرك حجم الإنجازات التنموية التي تحققت على مدى أربع وثمانين عاما، بما يضمن تعزيز روح المسؤولية لدى جميع أفراد المجتمع، بما يحقق المحافظة على مقدراته، ومنجزاته التي تمت بشكل تراكمي، كما أن منجزات المملكة لم تقتصر على حدودها الجغرافية؛ فلها حضور مشرف على مختلف الأصعدة الإقليمية، والعالمية في الكثير من المجالات بما يحقق لها العالمية.

ونعيش هذه الأيام في نعمة، ولا بد من شُكرها، كما علينا الإدراك أن كل ذي نعمة محسود، ولذلك علينا مسؤولية كبيرة كمواطنين حيال نبذ الأفكار الدخيلة، وعدم إعطاء الحاقدين على وطننا فرصة، والوقوف صفا واحد ضد من يخطط، أو يعمل على زعزعة استقرار وطننا، وأمنه، وقد يكون مناسبا أن يصبح يومنا الوطني نقطة انطلاق للتعريف بمنجزات الوطن على مستوى الأسرة والمجتمع، من خلال مؤسساته المختلفة؛ سعيا إلى تحقيق مفهوم الوطن، والوطنية بالمفهوم الصحيح، بعيدا عن المزايدات التي لا تخدم الوطن ومكتسباته وإنجازاته على المدى القريب والبعيد، ويجب أن يكون كل يوم هو يوم للوطن، وأن نكون نحن للوطن، ومن الوطن، وفداء للوطن.

حفظ الله مملكتنا الغالية من كل مكروه، ووفق الله قيادتها الرشيدة، ومتعهم بالصحة والعافية، ووفق أفراد هذا الوطن لما يحبه ويرضاه، وكل عام وقياداتنا، ومواطنونا، ووطنا بخير.