هو المذكر الوحيد الذي يباح لي حبه والتغني به جهارا أمام الملأ.. أشاركه تفاصيل كثيرة، بدءا من ذرات ترابه، وانتهاء بكل مجد يحرزه. وطن يقبع في أقصى القلب. وطن حبه متأصل دما وترابا، لا يقتصر على ذلك اليوم الذي نرتدي فيه الأخضر، ونرفع فيه الشعارات والعبارات. بل هو الاستمرار في العمل من أجله، والسعي لرقيه ورفعته. وطن لا يريد مني أن أقف في يومه فقط لتعداد ا?نجازات والمفاخرة بها، بل العمل كل أيام العمر تباعا وبإخلاص.
هو لا يريد أن يرى مسؤولا يقف في يوم الاحتفاء خطيبا يردد عبارة "الحب والولاء" وهناك عشرات المشاريع المتعثرة التي لم ينجزها!
لا يستهوي وطني ذلك الشخص الذي يحتفل بهذا اليوم، وهو يمثل وطنه أسوأ تمثيل عندما كان خارج خارطته. وطني أبيّ عزيز حر، لا يغفل الحوار والفكر الهادف الذي من شأنه رفع أبنائه وعلو مكانتهم ودحر ا?عداء والحذر منهم.
وطني يفخر بذلك الموظف القائم على إنجازات عمله في الوقت المناسب دون تعطيل مصلحة المواطن، ودون تعثر المعاملات وتراكمها من غير مبرر قوي. وطني يرتفع مجده، وتصلح بطانته، عندما يكون ذلك المربي مخلصا في تربية النشء، وغرس القيم الحميدة، وتنشئتهم نشأة صالحة يعود نفعها على الوطن والمجتمع.
هذا الوطن لا يقبل إلا الانغماس في تفاصيله بحب ورضا وقناعة، إنه يستحق أرواحنا فداء له.
"وطن": كلمة ليست حدودها الواو والنون، بل خلوده في قلوبنا، واحتواء كل جغرافيته، ودمجها لتكون جسدا واحدا. نربط شماله بجنوبه وشرقه بغربه، ونثبت بل ونؤمن أن المسافات الشاسعة فيما بيننا لم تكن سوى كيلوات محسوبة العدد، فلا شيء يفصلنا عن بعضنا. عقيدتنا واحدة. دستورنا واحد. رايتنا واحدة خفاقة بالعز والرفعة في أيدينا. دائما عندما نصطف من أجل الوطن.
وطني: لن يأتي يوم أنفك فيه عن الحب الذي تعلمته مذ ملامستي الأولى ترابك. لن يقف الأعداء والخونة والجهلة مانعا دون حبك. سوف تبقى الحب الأعظم، والأمل الأكبر. لك يا أجمل وطن أعلن من عمق قلبي حبي وحب أهل "الوطن". سأنساب في حبك كلما صدح هذا النشيد:
"سارعي للمجد والعلياء.. مجدي لخالق السماء.. وارفعي الخفاق أخضر.. يحمل النور المسطر.. رددي: الله أكبر يا موطني.. موطني عشت فخر المسلمين.. عاش الملك للعلم والوطن".