شنت القوات المسلحة المصرية عملية عسكرية موسعة ومداهمات طالت قرى مدينة رفح، والشيخ زويد، ردا على مقتل 4 من جنود الأمن المركزي في منطقة "ياميت" بمدينة رفح بشمال سيناء، وتمكنت الأجهزة الأمنية من القبض على 7 مطلوبين وتدمير عدة منازل وأوكار في عدد من القرى، فيما تبنت جماعة "أنصار بيت المقدس" في بيان عبر حساب منسوب لها على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" حادث مقتل الجنود الأربعة.

من جهتهم، أكد عدد من الخبراء العسكريين أن منطقة سيناء تحتاج إلى جهد كبير من جانب قوات الأمن للتصدي للعمليات الإرهابية التي تستهدف قوات الجيش والشرطة، مشيرين في الوقت ذاته إلى أن نجاح المنظومة الأمنية في السيطرة على الكثير من بؤر الجماعات الإرهابية في سيناء لا يعني أن مصر نجحت بنسبة 100% في القضاء على الإرهاب الذي عاد ليطل بوجهه من جديد.

وقال وكيل جهاز المخابرات العامة الأسبق، محسن النعماني، إن "العمليات الأمنية في سيناء تستكمل أغراضها، خاصة أنها بدأت من مسافات بعيدة في ظل وجود مجموعة كبيرة من التنظيمات الإرهابية، فالعملية الآن دخلت في مراحل التطهير والمتابعة، فضلا عن أن قبضة الأمن استحكمت بشكل يكاد يكون مطلقا في سيناء، حيث نجحت قوات الأمن في القبض على 15 من عناصر "داعش" بسيناء، يحملون الجنسيات الفلسطينية والعراقية والسورية، مما ساعد على إحباط مخطط لتأسيس أول خلية للتنظيم في سيناء، ومثل ضربة قوية لمخطط الجماعات الإرهابية في سيناء، وكان الهدف هو تكوين خلايا للتنظيم بسيناء تمهيدا للسيطرة عليها، وذلك بمساعدة جماعات تكفيرية بهدف زرع هذه النواة بسيناء".

وأضاف النعماني أن "القبضة الأمنية في سيناء استحكمت، واللعبة تدور الآن بإعطاء التنظيمات الإرهابية حجما أكبر من حجمها، ومحاولة إبراز أنها قادرة على الحركة ولهم فعالية، وهو ما تكذبه الضربات الأمنية القوية لتلك الجماعات والتنظيمات".

من جانبه، قال الخبير العسكري حسام سويلم، "تنظيم داعش يحاول بكل طاقته، وبدعم من الجماعات التكفيرية إرسال بعض عناصره إلى مصر عبر أنفاق غزة، وسبق لقوات الأمن أن تمكنت من القبض على 4 عناصر تابعة له، فضلا عن أن جماعة الإخوان تحاول الاستقواء بداعش، باستغلال عملياتها الإرهابية، ومحاولة توصيل رسالة بأنها مخترقة العالم العربي؛ لإرهاب الشعوب العربية بنفس أسلوبها في العراق، لكن القبض عليهم دليل صحوة لقطاع المعلومات في الأجهزة الأمنية، وتفعيل البند الأول من المنظومة الأمنية، والمتمثل في جمع المعلومات والتحرك استنادا عليها، والسبيل الوحيد لدخول هذه العناصر إلى مصر من خلال الأنفاق في قطاع غزة، مما يشير إلى تورط حركة حماس في إدخال هذه العناصر إلى مصر ومساندتها؛ لأنها تلعب دور الوسيط بين داعش والإخوان".

بدوره، يربط مدير مركز الجمهورية للدراسات السياسية والاستراتجية اللواء سامح سيف اليزل، بين استهداف جنود الأمن المركزي في رفح، ومن قبله تفجير سنترال 6 أكتوبر، وبين رغبة الإخوان في التصعيد مع قرب ذكرى عزل محمد مرسي من منصبه في 3 يوليو 2014، التي تحل الخميس القادم، وقال: "استهداف الجنود الأربعة في سيناء، وقبلها بساعات استهداف مركز للاتصالات في منطقة 6 أكتوبر، يدلان على أن الجماعات الإرهابية تستبيح أرواح الشباب بدم بارد، سواء كانوا عسكريين أو شرطة أو مدنيين، في تكرار لمذبحة رفح الأولى".

وفي السياق ذاته، قال وكيل جهاز المخابرات العامة الأسبق اللواء أسامة همام: "تنظيم الإخوان الدولي لا يمكن استبعاده من قائمة المتهمين في حادث استهداف المجندين الأربعة، لمحاولاته المستمرة في إبراز صورة مصر أمام العالم على أنها غير مستقرة ولا يوجد بها أمن، والجماعات الإرهابية تهدف من وراء الأحداث الأخيرة سواء قتل الجنود، أو زرع قنابل بدائية الصنع في الأماكن العامة، إثبات وجودها ورغبتها في عدم استقرار البلاد، لكن الأجهزة الأمنية قادرة على التصدي لمحاولات استهداف الأبرياء من أبناء الوطن، وذلك في ظل التصعيد الذي ينتهجه الإخوان مع اقتراب ذكرى عزل محمد مرسي، وحادث قتل جنود الأمن المركزي الأربعة، يؤكد أن العمليات لن تنتهي نهاية كاملة، وأننا سنظل معرضين لأعمال إرهابية فردية مشابهة".

إلى ذلك، قالت مصادر قضائية إن النائب العام المصري قرر أمس الأحد إحالة ثلاثة أشخاص، بينهم إسرائيليان للمحاكمة بتهمة "التخابر على مصر لصالح إسرائيل"، وذلك في أحدث حلقة من حلقات قضايا التجسس بين البلدين.