ثلاث قضايا معلقة منذ حوالى عشرين عاماً هي من أهم القضايا التي تشغل المجتمع، قضايا تعيين الخريجات القديمات، خريجات دبلوم كلية التربية المتوسطة وخريجات معاهد المعلمات. جاءت حلولها باعتماد المقام السامي لقرارات التعيين بعد مطالبات حثيثة من الخريجات حين أثبتت وزارة التربية والتعليم ووزارة الخدمة المدنية عدم اهتمامهما بهذه القضايا والتي تعني ما يقارب أربعين ألف خريجة – حسب بعض الإحصائيات – والغريب أنه بعد بدء ترجمة هذه القرارات على أرض الواقع، وبالرغم من طول المدة التي استغرقتها اللجان في دراسة هذه القضايا ووضع آلية لتطبيق القرارات المتعلقة بها إلا أننا نفاجأ بعشوائية غير مسبوقة في الميدان.
ففي الكادر التعليمي شكل تطوير المناهج خلال الأعوام الماضية صعوبة على المعلمات المستمرات فكيف بخريجة منقطعة لم تعمل لأكثر من عشرة أعوام، ولم تخضع لأي برنامج تأهيلي قبل بدء العمل؟! وقد كان لذلك تبعات كبيرة على المعلمة (الجديدة – القديمة) وعلى الطالبات، فقد لجأت بعض المعلمات لأخذ دروس خصوصية عند معلمات أخريات لتستطيع القيام بمهمتها التعليمية!
أما الكادر الإداري فقد جاء قرار تعيين بعض الخريجات القديمات من حملة البكالوريوس (باختيارها) وخريجات الكليات المتوسطة ومعاهد المعلمات في وظائف إدارية قراراً ملائماً جداً، ولكن لا يعني ذلك أن وزارة التربية والتعليم بمختلف مستوياتها الإدارية قد أدت ما عليها بمجرد توجيههن للمدارس، فعشوائية التوزيع وعدم تناسبه مع حجم المدرسة واحتياجها ونوع المبنى تضعنا أمام تساؤلات متكررة، فالحاصل هو تنفيذ للقرار دون أن نرى أي تنظيم في الميدان، فحين تكون المدرسة في مبنى مستأجر آيل للسقوط، عدد معلماتها اثنتا عشرة معلمة، هل يعقل أن يتم ضخ إحدى عشرة إدارية جديدة لها فقط تنفيذاً للقرارات؟!
يجب أن تقوم إدارات التربية والتعليم في المناطق بدورها القيادي كمبادرة، لا أن تقف منتظرة لقرارات وزارية في مجالات تنفيذية هي من اختصاصها، وحتى لا نطيل النقد، أضع مقترحات وتصورات أترك للقراء الكرام الإضافة لها حسب ما يرون كواجب مجتمعي علينا جميعاً:
- يجب أولاً إعادة توزيع الكادر الإداري من المعينات الجدد ومن سبق تعيينهن في العامين الماضيين على المدارس بموازنة وعدالة، مع مراعاة تناسبهن مع احتياج المرحلة الدراسية وعدد الطالبات والطاقة الاستيعابية للمبنى.
- توقيع عقود مع مراكز تدريب في المنطقة لإعادة تأهيلهن إدارياً بالمهارات المطلوبة في الحاسب الآلي والإدارة المكتبية ومهارات التعامل والتواصل مع المستفيدين.
- إن لم يكن لدى إدارات التربية والتعليم صلاحيات أو مخصصات مالية كافية لذلك فعلى الأقل تعقد ورش عمل من مدربات مراكز التدريب لديهن للبدء فوراً في التأهيل، وقائدات المدارس أعتقد أنهن قادرات على ذلك في مدارسهن وقد بادرت المتميزات بذلك.
- توضيح المهام الوظيفية وتوزيعها بين الكادر الإداري بآلية منظمة وبعدالة أيضاً حسب الهيكل التنظيمي لكل مدرسة وحسب مهارات كل موظفة – لا حسب رغبتها فقط – فبعض الأعمال قد تؤديها الموظفة بمستوى يفوق توقعاتها هي بمجرد منحها الثقة.
- مراعاة أن غالبية المعينات هن أمهات وراعيات لأسر كبيرة العدد ولم يعتدن على الخروج لساعات طوال يومياً، لذلك فمن الأولى أن يراعى ذلك وتتم إطالة ساعات عملها بالتدريج في هذه الأيام إلى أن تستطيع ترتيب وضعها والتأقلم مع الوضع الجديد.
- كذلك مع وجود ما لا يقل عن سبع إداريات– ويصل إلى خمس عشرة إدارية - في كل مدرسة، يعني ضرورة إصدار قرار يريح المعلمات الأساسيات من الأعباء اللاتي كن يكلفن بها والتي فرضت كمهام أساسية لهن وهي ليست من صميم عملهن كالإشراف على (النشاط، المصلى، المقصف المدرسي، ريادة الفصل)، ومهام (الجودة، التوجيه والإرشاد) أو الأعمال الإدارية البحتة (كمتابعة الفصول في حصص الانتظار والمناوبة على المباني خلال الدوام وبعده)، فقد آن الآوان لإعطاء المعلمة جزءاً يسيراً من حقها في الراحة بعد هذا العناء.
- وعلى الموظفة المستجدة واجب أساسي في تطوير نفسها وصقل مهاراتها خلال فترة الإجازة وعدم انتظار من يوفر لها فرصاً للتدريب والتأهيل وقد كنت في نقاش مع إحدى الخريجات القدامى وتحدثنا عن هذه النقطة تحديداً فقالت على استحياء "والله ما عاد فينا حيل حتى للتدريب ولا للعمل، ليتهم يعطوننا رواتب ونجلس في بيوتنا مع أطفالنا ويريحونا"، ولكن المجتمع يثق بأن لديهن الكثير لتقديمه.
- ومهما تحدثنا عن الجوانب الإدارية فلن نستطيع أن نعزلها عن الجانب الاجتماعي خاصة ونحن نتحدث عن المرأة العاملة، فهي الآن في أمس الحاجة لوقفة من الزوج والأهل والأبناء لرد بعض الجميل، بمساندتها أو على الأقل وفي أضيق الأحوال احتوائها والرفق بها، فهي تستحق منا ذلك.