يوافق يوم 16سبتمبر الحالي الذكرى الـ32 لمذبحة المدنيين الفلسطينيين من قِبل ميليشيا الكتائب اللبنانية بالتآمر مع قوات الدفاع الإسرائيلية في مخيمي صبرا وشاتيلا في لبنان عام 1982. لكن زعماء العالم لا يفكرون في هذا التاريخ؛ لانغماسهم في مفاوضات لتشكيل تحالف يمكنه هزيمة الجيش الإرهابي المتنامي بزعامة الدولة الإسلامية في العراق وسورية (داعش). وفي خضم الاضطرابات في الشرق الأوسط، تراجع النضال الفلسطيني إلى المقعد الخلفي. فقبل أقل من شهر، قتل الجيش الإسرائيلي أكثر من 2000 فلسطيني في غزة، معظمهم من النساء والأطفال والمدنيين.

لقد أصبحت سرعة البرق التي تنتقل بها المعلومات في العالم بمثابة نعمة ونقمة. حيث إن بث صور جديدة من معارك طاحنة، وإخفاء سريع لفظائع تلك المعارك، ينبغي أن يشد انتباه العالم. وبالتالي لا ينبغي لأحد أن يتغاضى عن جرائم القتل المستمرة والمتصاعدة التي يمارسها الجيش الإسرائيلي ضد الأطفال الفلسطينيين.

ولقد كان هذا العام الأكثر دموية لقتل الشباب والفتية، ولا يزال عدد القتلى في تصاعد. فمنذ 15 مايو 2014، الذي يوافق ذكرى النكبة، وقعت عمليات قتل فظيعة للشباب المذكورين أدناه. وأصدرت السلطات الإسرائيلية تقارير مضللة وتصريحات مُخجلة حول تلك الأحداث. وقعت حوادث عديدة أكثر فتكاً في غزة جراء الغارات الجوية وقذائف المدفعية وإطلاق النار من مسافة قريبة، تجري سلطات للأمم المتحدة التحقيق بشأنها. ولكن ينبغي إجراء المزيد من الفعالية والسرعة لإيقافها، لأن القتل لا يزال مستمراً أسبوعياً:

الأحد 14 سبتمبر2014: توفي طالب الهندسة الفلسطيني، أنس تيسير الحناوي (22 عاما)، بمستشفى في الأردن متأثراً بجراحه، حيث أصيب خلال الهجوم الإسرائيلي على غزة الذي أسفر عن مقتل 2140 شخصاً وجرح 11 ألفاً آخرين.

10 سبتمبر 2014: قُتل الشاب الفلسطيني عيسى القطري برصاصة في صدره، في مخيم الأمعري للاجئين قرب رام الله. وأفاد مسعفون فلسطينيون أن القطري قُتل بذخيرة حية عندما داهمت القوات الإسرائيلية المخيم زاعمة البحث عن ناشط من حركة حماس.

الأحد 7 سبتمبر 2014: مات محمد سنقراط (16 عاماً)، نتيجة إصابته برصاصة مطاطية في رأسه، أطلقها عليه الجيش الإسرائيلي خلال مظاهرة في القدس يوم 31 أغسطس الماضي. وادعت السلطات الإسرائيلية أن سنقراط سقط وأصيب في رأسه خلال المظاهرة، لكن الطبيب الشرعي الفلسطيني، الدكتور صابر العلول، أكد أن إطلاق النار كان سبباً في الوفاة، وفقاً لما ذكرته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية.

3 أغسطس 2014: استشهد عشرة أشخاص، من بينهم أربعة أطفال تتراوح أعمارهم بين 5 و12 عاماً، كانت جثثهم ملفوفة في بطاطين وضعت على رصيف عام، قبل نقلهم إلى مستشفى محلي... وكانت تلك المرة السابعة التي ضُرب فيها ملجأ الأمم المتحدة خلال 27 يوماً من النزاع في غزة. وكان الضحايا اتخذوا المدارس ملجأ لهم، بعد أن تلقوا تعليمات من الجيش الإسرائيلي بمغادرة منازلهم"، حسبما ذكرت صحيفة "الإنديبندنت" البريطانية؛ ولا يزال التحقيق جارياً في الأمم المتحدة.

17 يوليو 2014: لقي أربعة أبناء عمومة شباب: إسماعيل، وزكريا، وعاهد ومحمد من عائلة بكر الممتدة، مصرعهم نتيجة هجوم صاروخي إسرائيلي، بينما كانوا يلعبون على الشاطئ في غزة، بعيداً عن أماكن العمل العسكري الرئيسي. وكان الشباب جميعاً تحت الـ12 سنة. ولايزال التحقيق جارياً في الأمم المتحدة.

2 يوليو2014: أُختطف الشاب محمد أبوخضير (16 عاماً)، وتعرض للتعذيب، ثم الحريق حتى الموت على يد عصابة من الشباب الإسرائيلي اليميني الذين يطالبون إسرائيل بإزالة جميع الفلسطينيين والعرب. وقد أثار مقتل أبوخضير الغضب الدولي الذي تطور إلى مناقشات بين الدول الأوروبية لمقاطعة البضائع الإسرائيلية، خاصة تلك التي تأتي من المستوطنات غير الشرعية.

15 مايو 2014: قُتل صبيان فلسطينيان- نديم نوارا (17 عاماً) ومحمد عودة سلامة (16 عاماً)- رمياً بالرصاص على يد الجيش الإسرائيلي في يوم الذكرى الـ15 للنكبة. ولقد مارس المستوطنون اليهود نظاماً إرهابياً على القرى الفلسطينية، أدى إلى فرار 700 ألف فلسطيني، ويبدو أنه لن يُسمح لهم بالعودة.

في هذا الحادث الأخير، ذكرت قناة "سي إن إن" الأميركية أن كاميراتها التقطت صوراً تقشعر لها الأبدان لوفاة الشابين الفلسطينيين. وعرضت القناة شريط فيديو، وزعته المنظمة الدولية للدفاع عن حقوق الأطفال، يوثِّق مقتل الشابين في آن واحد تقريباً، حيث قُتل الثاني بعد 73 ثانية من مقتل الأول.

حقيقة القتل الإسرائيلي للأطفال العُزل أصبحت عملية معروفة ومكشوفة وموثقة. ففي فبراير 2014 نشرت منظمة العفو الدولية تقريراً مفصلاً حول الممارسات والإجراءات الإسرائيلية تحت عنوان "سعداء بالضغط على الزناد"، اتهمت فيه إسرائيل باستخدام القوة المفرطة في الضفة، وبدأ التقرير بشهادة مقتبسة من أقوال أحد شهود العيان، جاء فيها:

"أعد جنود إسرائيليون كميناً لطفل فلسطيني يدعى سمير، أطلقوا عليه النار أولاً في ساقه، لكنه تمكن من الهرب نحو القرية. ولكن كيف يتمكن طفل من الهرب بعيداً وهو مصاب في ساقه؟ بالطبع لا يمكنه الابتعاد عن الجنود سوى 20 متراً أو ربما 30 متراً على الأكثر. ولذا فقد تمكن الجنود من إلقاء القبض عليه، بعد ما أطلقوا عليه النار في ظهره بالذخيرة الحية ...".

وسبق أن وثقت منظمة العفو الدولية مقتل 22 فلسطينياً على يد القوات الإسرائيلية في عام 2013، كان من بينهم أربعة أطفال على الأقل". ومن الواضح أن قتل الأطفال قد ازداد بشكل مضطرد في العام الماضي، ولم يحدث شيء لمنع إسرائيل من ممارسة هذه السياسة العدوانية.

قبل عامين، في أغسطس 2012، نُشرت تقارير أخرى كشفت أسرار إساءة إسرائيل لمعاملة الأطفال، وذكرت في ذلك الوقت أن "تعذيب الأطفال الفلسطينيين في السجون العسكرية الإسرائيلية هو ممارسة روتينية، تقوم برصد تفاصيلها اثنتان من هيئات تقصي الحقائق الرسمية، إحداهما مفوضية تابعة للأمم المتحدة، والأخرى هيئة تقوم بتمويلها وزارة الخارجية البريطانية. وأدلى السفير باليثا كوهونا، رئيس اللجنة المعنية بالتحقيق في الممارسات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة ومبعوث الأمم المتحدة في سريلانكا، بالتقرير التالي إلى وكالة إنتر برس سيرفس:

"حاصر الجنود الإسرائيليون منازل الأطفال في وقت متأخر من الليل، وأطلقوا القنابل الصوتية في المنازل، وحطموا الأبواب، وأطلقوا النار بالذخيرة الحية، ولم يتخذ أي إجراء لمنع تلك الممارسات".

افتتحت الجمعية العامة للأمم المتحدة رسميا في 17 سبتمبر2014، حيث من المفترض أن تناقش علناً جرائم الحرب الإسرائيلية في غزة؛ مما يتيح للأمم المتحدة الوقت الملائم لاتخاذ إجراء ينهي التعذيب الإسرائيلي للفلسطينيين وقتل أطفالهم.