الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شعيرة حث عليها الشارع سبحانه وتعالى، وهي من قيم الفضائل في أي مجتمع، ولا جدال في ذلك حين يكون التطبيق بشكل علمي وسليم ومدروس. تراثنا الديني وتاريخنا الإسلامي بمختلف العصور والدول حافلان بالاهتمام بهذه القيمة الإنسانية تفسيرا وممارسة لارتباطها بالتوعية والتثقيف من حيث المبدأ والأصل.

حين تأمر بالمعروف وتحث على المحبة والسلام وإحسان القول والعمل وتكون مرشدا مستنيرا وناصحا واعظا فهنا يتحقق قصد الشارع. حين تنهى عن المنكر من القول والفعل وإزعاج الآخرين وتنهى عن قبيح القول والفعل باستنارة عقل يصبح مفهوم الآية الكريمة قد تحقق. يزعجني كثيرا محاولة البعض شيطنة جهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بطريقة فجة ومبالغ فيها، فقط لأن بعض أفراد الجهاز قساة القلوب متحجرو الفكر يعيشون خارج العصر سلوكا وممارسة. الهيئة جهاز حكومي مثله مثل المرور والشرطة ووزارة الزراعة ومصلحة الإحصاء والجيش والحرس من حيث نظاميته وقانونيته واحترام الشعب والمواطن له، بغض النظر عن ممارسات من ذكرناهم من بعض أفراده. إن جاز لنا القول فإنه وللأمانة يمر هذا الجهاز (الهيئة) في مرحلة تطويرية شاملة، يعيش عصره الذهبي كما يقال في ظل وجود عقلية مستنيرة منفتحة على رأس هرم إدارته، متمثلة في صديق الإعلاميين والمجتمع الشيخ عبداللطيف آل الشيخ والفريق الذي يعمل معه ليل نهار من أجل واقع متسامح.

الرجل وطاقمه يحتاجون من الإعلام المنصف التشجيع والمباركة لما يفعلونه في الميدان، وليس لتصيد الأخطاء وتضخيمها وشيطنة جهازه الحكومي. الرجل قال علنا في تصريح صحفي إن هناك عشرين شخصا من داخل جهازه يعملون ضد أفكاره التطويرية، ولنا أن نتخيل كم يجيش هؤلاء من معارفهم من المتطرفين لممارسة الاحتساب العشوائي لمحاربة المشروع التصحيحي من المئات أو الآلاف. فلنقل خيرا أو لنصمت.

أحضر غالبية المناسبات الثقافية وأشترك مع زملائي وزميلاتي في كثير من الفعاليات الأدبية والفكرية، ونتعرض لكثير من الأذى من هؤلاء المتطرفين، من متطوعي الاحتساب العشوائي في محاولة منهم لإفساد كل محفل وطني، وفي كل مرة يكون وجود موظف رسمي من الهيئة طرفا في النزاع قليلا جدا. الرئيس العام وفريقه المستنير يعلمون أن التدخل في خصوصيات الناس مرفوض و(اللقافة) التي يمارسها البعض منفرة للنفوس وما يمارسه جهلة الاحتساب العشوائي المدعومون من متطرفي بعض أفراد الهيئة مستفز.

الرئيس العام وفريق التطوير لديه يعلمون أن كثيرا من أفراد الهيئة أصبحوا في صدام مباشر مع أفراد المجتمع نتيجة تصرفاتهم، فاستشعر الخطر ونُذر الشؤم، لذلك عمل وما زال يعمل بجد لإزالة الاحتقان ونحن نشهد له بذلك. نشد على يده وندعمه ونقف إلى جانبه فنحن شركاء في الوطن ونعيش جميعا على أرضه ونتفس حبه ويسكن عشقه شرايين قلوبنا، ونعتقد أنه هو أيضا كذلك.

ممارسو جريمة الاحتساب العشوائي من مرضى الإقصاء وتسطيح العقول ومُلاّك الحقيقة المطلقة يريدون أن يفرضوا على المجتمع قناعاتهم البالية ونظرتهم الأحادية، يدعمهم بعض نجوم الدعاة الذين يعانون عوارا فكريا، إضافة إلى من ذكرهم معالي الرئيس المجاهد الصابر المحتسب إرضاء لدينه ومليكه ووطنه وأفراد الشعب.

يكفي أن رئيس الهيئة يعاني من شبه انقلاب داخل منظومته من بعض رؤوس الفتنة المؤثرين والمدعومين بقوة من رموز ظهروا في غفلة من الزمن كنبت شيطاني في أرضنا الطاهرة، تعدى شرهم إلى سرقة أبنائنا لأحضان الإرهاب والخراب، وليس فقط ممارسة قلة الذوق والوقاحة في الأسواق والمحافل الثقافية والمنتديات الفكرية. نطالب معالي الرئيس بمزيد من التعاون مع وزارة الثقافة والإعلام والأندية الأدبية لحماية المشهد الثقافي من تطرف وتخلف وجنون الاحتساب العشوائي وأزلامه. حماية الزميلات في المشهد ضرورة ملحة، فكم من مرة اضطررنا لاستدعاء رجال الشرطة من أجل التدخل، وكم من مرة وصلت الأمور إلى عراك بالأيدي لحماية زميلة هنا أو إنقاذ زميلة هناك من تعدي صغار الكهنوتيين.

وأهمس في أذن المتخلفين الذين ضرب الجهل أطنابه في عقولهم: لا تعتقدوا أن من تريد -أو يريد- ممارسة رذيلة يتجشمان عناء حضور محفل ثقافي وسط عشرات من الرجال والنساء في اختلاط محمود من أجل رفعة الوطن. أيها الجهلة تلك النوعية السيئة تجدونها في الظلمات وليس في النور وتحت العدسات علنا وفي مكان يعج بالأدب والثقافة والفكر. سنقاومكم حتى ننتصر وينتصر الوطن، فنحن جيل التغيير ومن بسواعدنا نبي الوطن. نحن المستنيرون والرهان علينا ونحن الأغلبية. من القلب شكرا لك معالي الرئيس ولكل مستنير من أفراد الهيئة يعلم أننا مواطنون وأننا قد سئمنا الاحتساب العشوائي، وأن زمن الصمت والتجهيل قد انتهى منذ بدأت قافلة التطوير العبدلية مسيرتها التنويرية نحو وطن سعودي أكثر إشراقا ومحبة.