ربما تكون الصدفة من جعلت فنية التمريض علياء سالم الشمري، تنقذ حياة رجل تعرض لحادث مروري على طريق حائل ـ المدينة المنورة، وقد يقول قائل: إن الأقدار ساقتها إلى ذلك الموقع، ولكن لنتوقف عند المحصلة التي تتجاوز فكرة "تغطي يا مره" التي تعيق أن تعمل امرأة على إنقاذ حياة.

تصرف الشمري التي كانت برفقة زوجها هو الثابت الطبيعي الذي لا يمكن القفز عليه لإحلال ثوابت أخرى تبطل قيمتها في مواقف كهذه، فالضحية بحسب الخبر الصحفي توقفت رئته عن التنفس، وغرق جسمه في دمائه بعد نزيف في أجزاء متفرقة من جسده جراء الحادث المروري الذي تعرض له، وبقيت تلك المرأة تقدم للمصاب الإسعافات الأولية اللازمة حتى وصلت فرقة الهلال الأحمر التي استلمت المصاب ونقلته إلى مستشفى الملك خالد، لتكتب له حياة جديدة.

قيمة الشمري لا تكمن في بديهتها واستجابتها الطبيعية لظرف إنساني طارئ، وإنما في أنها امرأة لم تتوقف عن مباشرة حالة رجل، بغض النظر عن وجود زوجها معها، ويبدو واضحا أنه يتمتع بالأفق الإنساني الذي يرخص لزوجته أن تتعامل مع الحدث وفقا لمعطيات زوجته العلمية والعملية، ولم يتعامل مع ذلك بالحساسية التي تجعل بعض الرجال يمنعون النساء من أداء أعمالهن الإنسانية وواجباتهن العملية عند الضروريات.

وعلى ذكر الضرورات فإنها تبيح كل محظور، وحالة الشمري ترجمة واقعية لإباحة كثير من المحظورات الثابتة التي تعطل المرأة وتعيقها عن ممارسة أي نشاط يتعلق بأدوارها واستحقاقاتها، وفي يقيني أن هناك كثيرا من الضرورات التي تتراكم بحيث تصبح مثل تسونامي يجرف محظورات تقليدية أصبحت بالية وغير ذات جدوى في سياق التطور الاجتماعي، وتكريم الشؤون الصحية بمنطقة حائل لعلياء الشمري اعتراف بدور المرأة بوجه عام، وبها بشكل خاص؛ لأنها بادرت وقدمت نموذجا نسائيا مهما ومطلوبا يتجاوز ثوابت تجاوزها الزمن.