مما لا شك فيه أن الصحوة أفسدت الكثير من المفاهيم الإنسانية، التي من المفترض أن تبنى عليها قيم المجتمعات، وقد قامت بتعزيز دورها في الفكر الاجتماعي لفترة ليست بالقليلة في العقود الماضية، ولكنها ليست شماعة نعلق عليها أسباب التخلف وكأنها مازالت تحافظ على الاستمرارية في فاعليتها، ومن ثم نتعامل معها وكأنها عائق يقف أمام تحقيق الكثير من الأمور، خاصة أن الفتوى قد أخذت اتجاها أكثر يسرا من السابق، وتعددت الآراء الدينية، خاصة حول الكثير من القضايا المثيرة للجدل الاجتماعي.

هذا بعد أن كان الشيخ يحسم المسائل بإصدار الفتوى التي يقابلها الامتثال العام لما تنص عليه، وإن كان لدى البعض مواقف خاصة مع هذا التيار، فالأفضل أن تبقى بمعزل عن الحراك الثقافي والاجتماعي.

فحينما نتحدث عن الصحوة فنحن نتحدث عن الماضي مع الإقرار ببقاء الآثار البسيطة التي يمكن حلها إذا كانت هناك جدية في فرض الأنظمة التي من شأنها أن تنظم الحياة الاجتماعية نحو الهدف المطلوب.

جميعنا نضع أنفسنا في نطاق المسؤولية لتحقيق العدالة الاجتماعية، فالدولة مسؤولة عن تقديم ذلك في الشكل المرضي والواضح للمواطن، واختيار أصلح المناهج للتطبيق والعمل مع تفعيل دور القطاعات الخدمية للارتقاء بالرعاية الاجتماعية، وكذلك تقع المسؤولية على المجتمع في كل ما يقع تحت نفوذ الفرد وقدرته؛ لأن إقامة العدل والمساواة وتعزيز مفهوم المشاركة، هو طوق النجاة الذي يحقق النهضة.

من هنا، يجب العمل على التصحيح لوضع المجتمع في طور النضج الإنساني والحضاري؛ لأجل تحسين المفاهيم المكتسبة من واقع تسطيح القضايا، ومن ثم الخروج من الانغلاق والاستغراق في مشكلات الحياة. فهناك الكثير مما حدث

ومازال يحدث أفقدنا القيم المعنوية التي أوجدت التكامل الاجتماعي وخلقت الفاعلية في المجتمعات الأخرى، التي حققت القوة الشعبوية والنسبة المرضية من التماسك الاجتماعي.

والخلاصة، إن التعامل مع الواقع نظاميا واجتماعيا بمعطيات الفكر الحديث سيخلق واقعا مختلفا، تتجه إليه احتياجات الناس، كما تمكنت الصحوة من ذلك في السابق، بل وأكثر.