كلما تقدم الزمن كثر ظهور الجماعات المتسترة بعباءة الإسلام لغايات متنوعة كالتسلق السياسي أو النهب والسلب أو التسلط على الناس.. وغير ذلك.

والملاحظ أن تلك الجماعات التي تسمي نفسها عادة بمسميات دينية تنشط دائما في أماكن الفوضى، فتحمل السلاح وتهيمن على الأماكن، وتمارس أفعالا تسيء إلى الإسلام وتنفر العالم منهم، كما شهدت أفغانستان من قبل، وتشهد سورية والعراق حاليا.

وإن كان أمراء الحرب في أفغانستان قد اقتتلوا فيما بينهم بعد خروج المحتل السوفيتي، فإن الساحتين السورية ثم العراقية بصورة أقل، قد بدأت فيهما المعارك ـ بوجود الأنظمة ـ بين التنظيمات الإسلامية، سواء تلك التي تتبع تنظيم القاعدة أو المنشقة عنه أو الجماعات التي تكاثرت حتى لم يعد أحد يستطيع إحصاءها.

ولا بد هنا من الإشارة إلى أن تلك الحالة ليست محصورة بمذهب بعينه، فما تفعله الجماعات ذات الأسماء الدينية في لبنان واليمن والعراق وسورية ومصر من أحزاب مؤدلجة ومسلحة، لا يختلف بأي حال عن سواه من ناحية الهدف والأسلوب المطبق لبلوغه، مما يقود إلى أن الإسلام بات هو الوسيلة الوحيدة لدى هؤلاء؛ اعتقادا منهم بأن ذلك يسهل عليهم المهمة نظرا لقابلية الناس للانجراف وراء الدعوات الدينية بحكم تركيبة كثير من المجتمعات، غير أنهم لم يدركوا أن الحسابات قد تغيرت مع انتشار الوعي نتيجة الممارسات غير العقلانية لعناصر تلك الجماعات.

في سورية مثلا، أول ما تخلى النظام عن مدينة الرقة دخلت إليها جماعة إسلامية وسيطرت عليها، وبدل أن تتصرف برقي وتدير الأمور بأسلوب حضاري، اتجه قادتها وأفرادها إلى السرقة والخطف وإرعاب الناس، فكان أن صاروا يتمنون عودة النظام، فهو أهون برغم بطشه من هؤلاء المتأسلمين الذين نهبوا البنوك والآثار والآليات الخفيفة والثقيلة والمحاصيل الزراعية، ولم يبقوا مدرسة أو دائرة حكومية إلا وأفرغوها من محتوياتها من غير أن يعرف أحد أين تذهب المسروقات.

ذلك الأمر انحرف بمسار الثورة السورية وأساء إليها وحولها بنظر الكثير إلى ثورة لصوص.

إلى ذلك، لم يترك المرتزقة القادمون من مختلف أنحاء الكرة الأرضية للانضمام إلى الجماعات الإسلامية وسيلة لتخويف البشر إلا وطبقوها، من ذبح وقطع رقاب وصلب وفرض إتاوات حتى صارت البلاد مرتعا لشذاذ الآفاق والمجرمين وهواة القتل. وكل ذلك باسم الإسلام.

بناء عليه، فالمسلمون الحقيقيون الأنقياء المتسامحون أمام مهمة صعبة جدا، تحتاج إلى سنوات وسنوات لتنقية الشوائب وتصحيح الصورة، والعمل على سد الطريق على كل من تسول له نفسه أن يستخدم الإسلام مطية من أجل مآرب غير سوية.