دلالات عدة، برزت كصورة لـ"براجماتية" الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وتقديمها مصلحتها على "الإنسانية والقوانين والأعراف الدولية"، عبر معارضتها ما وصفته بـ"التدخلات العسكرية" في العراق، واتهامها واشنطن بمحاولة فرض "هيمنتها" على العراق، إذ يرى محللون سياسيون وخبراء في الشأن الإيراني أن ذلك يأتي وفقاً لما يتماشى مع مصالح برنامج إيران النووي، على حساب كل شيء.

الباحث في الشأن الإيراني الدكتور محمد السلمي، رأى في تصريحاتٍ لـ"الوطن"، أن المرشد الأعلى للجمهورية علي خامنئي، أراد أن يظهر بصورة المعارض للتدخل في العراق، على عكس الحكومة الإيرانية، التي رحبت بالتعاون مع واشنطن تجاه الأزمة العراقية، وهذا يتناسق بشكل كبير مع "البراجماتية" التي اشتهر بها النظام الإيراني.

ويضيف السلمي "تصريحات وزير الخارجية الإيراني مؤخراً، التي تحدث فيها عن أنه في حالة عدم الوصول إلى اتفاق نووي شامل ونهائي مع مجموعة 5+ 1، فإن الوضع سيعود إلى ما قبل الاتفاق المبدئي في نوفمبر الماضي، تبين أن إيران تريد الوصول إلى اتفاق نهائي حول برنامجها النووي، على حساب ملفات أخرى".

ويستدل السلمي بالملف السوري، والعراقي، اللذين لا يمكن فصلهما عن بعض بالنسبة للإيرانيين، وتجسيد طهران مبدأ ربط تسوية تلك الملفات بالملف النووي، والمحادثات ما بين إيران ومجموعة 5+ 1. وعن تصوير الأحداث التي تشهدها العراق على أنها "إرهاب" يجب محاربته، متجاهلة ثورة الشعب ضد نظام المالكي، يجد السلمي أن الهدف من وراء ذلك هو "إطراب الأذن الأميركية"، ليس أكثر، على حد تعبيره.

أما عضو لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشورى الدكتور زهير الحارثي، فيجد في تصريح لـ"الوطن"، أن فلسفة السياسية الإيرانية الخارجية تعتمد على "امتلاك الأوراق"، للمفاوضة والمقاومة، التي استطاعت من خلالها أن تكسب مساحات، خولتها اللعب في الساحة الدولية، لتستفيد في نهاية الأمر من توظيف ذلك في صالح برنامجها النووي.

الحارثي مضى يقول "التصريحات الإيرانية الأخيرة لا تعكس حقيقة ثابتة، إنما لها مغزى سياسي يتمحور حول أن إيران أصبحت قادرة على إجادة هذا الدور، بدليل أنهم هم من يتدخل في شؤون الدول الأخرى، ويعتقدون أن هذه اللغة سوف تحقق مكاسب للسياسة الإيرانية، رغم أنها لم تعد تنطلي على أحد".

وعن التناقض في التصريحات الأميركية - الإيرانية، حول التعاون في الملف العراقي، قال الحارثي "واشنطن ارتكبت "جريمة العصر" سابقاً؛ بتسليمها العراق لطهران على طبق من ذهب، لذا لازالت الولايات المتحدة الأميركية تخشى التدخل العسكري في أي منطقة ومنها العراق، ما قادها للبحث عن حلول سياسية، ولا تمانع أن تجد بديلا لها"، معتبراً إيران تعلم ما أسماه بـ"اللعبة"، التي بُنيت في طهران على أساس علم إيراني بالتردد الأميريكي في العراق، ما خلق لها موطئ قدم في العراق، لتغطية المساحة الأميركية، كبديل لواشنطن على الأراضي العراقية.