من المهم جداً أن نعرف أن العلاقة بين مختلف مكونات المجتمع والمؤسسات وخاصة تلك التي تقدم له الخدمات، هي علاقة شراكة بين الطرفين، وهذه حقيقة لا مناص منها، ولهذا تأتي التوعية كجزء أساس في صياغة أي استراتيجية يراد منها الجمهور العريض، بل إن نسبة كبيرة من الإنجازات التي تتحقق تعتمد في أجزاء منها على نسبة الوعي بالعمل وأهميته.
ومن خلال الإيغال في التجارب المتراكمة، تزداد القناعة بدور التوعية في الوصول إلى نتائج إيجابية لم نكن لنظفر بها لولا ذلك، وتزداد أهمية مشاركة الجميع في القيام بهذا الدور كلما أردنا الحصول على نسبة أكبر في تفادي الوقوع في الأخطاء والمشاكل، وخاصة أن المعني شريحة كبيرة من المواطنين على اختلاف مستوياتهم التعليمية والثقافية والعمرية، ومع تباين خبراتهم الحياتية، بالإضافة إلى أن طبيعة الحياة في دول أخرى غير المملكة، تدفعنا لمعرفة الاختلاف في القوانين والأنظمة والثقافة والعادات والتقاليد، تفادياً لمواجهة مثل هذه الأخطاء.
كل هذا وغيره، يحتم علينا دائماً أن نشير إلى مجموعة من الحقائق، التي تؤكد على ضرورة التوعية للمواطنين قبل مغادرتهم المملكة، تتمثل ببعض ما قامت به الوزارة – وتقوم به – من دور توعوي، تؤمن دوما أنه واجبها، وتعمل على تأديته بكافة الطرق الممكنة. وقد قمنا بتحليل عموم القضايا التي يتعرض إليها المواطنون في الخارج خلال الأعوام الأخيرة، ووجدنا أن أغلبها يشير إلى أن الكثير من الأخطاء التي وقع فيها المواطنون كانت جراء افتقاد المعرفة بطبيعة الأنظمة والقوانين وعادات الشعوب، وهي غالبا ما تقع ضمن تصنيف قضايا الجنح، ومنها المخالفات المرورية، والشجار، ومخالفات نظام الهجرة، والمشكلات المخالفة للمجتمع والأعراف، وينخفض العدد فيما يتعلق بالقضايا المدنية، ومنها المشكلات الأسرية، مثل الزواج والطلاق والحضانة، ومشكلات التأمين، لتأتي القضايا الجنائية في الأخير، كونها الأقل بين القضايا، وهذا يعني أنه يمكن تفادي الوقوع في الكثير منها متى ما تسنى للمسافرين معرفة ما يحتاجون إليه في البلد الذي يقصدونه.
كما يجب التنويه إلى أن مئات الآلاف من السعوديين يسافرون سنوياً إلى الخارج، بالإضافة إلى أكثر من 150 ألف مبتعث وأسرهم بحاجة مستمرة إلى الدعم والتواصل، بحيث تستنفر وزارة الخارجية أدواتها وإمكاناتها كافة لتقديم الدعم والخدمات لهم؛ حيث إن هذه الأعداد بحاجة إلى فهم ووعي تامين بأنظمة وقوانين البلاد التي يقيمون فيها، أو التي يزورونها، فضلاً عن معرفتهم ومراعاتهم لعادات وتقاليد من يعيشون بينهم.
ولتوضيح أهمية التوعية، وإجابة عن الأسئلة التي تطرح دائماً حول القضايا، وهنا ربما من الجيد أن أشير إلى مقال الكاتب في "الوطن" أمجد المنيف، والمنشور بتاريخ 26 جمادى الآخرة 1435 الموافق 26 أبريل 2014، تحت عنوان: (كم قضية في وزارة الخارجية؟!) الذي تساءل في خاتمته عن دور الوزارة التثقيفي للمواطنين، وأقول إننا وبعمل استباقي، ومن مبدأ تفادي الأشياء قبل وقوعها، يتم توضيح هذا للمواطنين عبر الحملات التوعوية عبر الوسائل الإعلامية المقروءة والمرئية والمسموعة كافة، ومن بينها مواقع للوزارة في المطارات الداخلية، وكذلك من خلال مواقع التواصل الاجتماعي والرسائل النصية واللوحات الإرشادية للوصول إلى كل الشرائح، وكل هذا بالتنسيق مع الأجهزة المعنية في جميع المؤسسات. وفي أمر مواز، وترجمة للجهود المشتركة، تقف مسؤولية المواطن أمام الحفاظ على نفسه وأسرته في سفره، وتوفير الأمن والسلامة له، مسترجعاً دوماً كونه خير سفير لبلده خارجياً.
ختاماً: وعودة إلى المربع الأول من الحديث، فإن الحاجة إلى الوعي بالأصول التي يجب أن يراعيها المسافر للخارج أصبحت أمرا ضروريا، وعملا جماعيا تقوم به جهات عدة تشترك في حلقات متصلة لتؤدي إلى هدف مشترك، هو معرفة المواطن بالأمور التي تحقق له السلامة والأمن في سفره، وكذلك الوثوق في البعثات بأنها بخدمته وتسعى للمحافظة على حقوقه في كل الأوقات والظروف.
وبإمكان القراء الاطلاع على معلومات إرشادية مهمة للمسافرين والمبتعثين السعوديين قبل سفرهم، بحسب القارة والدولة المتجهين إليها وهي على موقع وزارة الخارجية.
السفير أسامة أحمد نقلي
مدير إدارة الشؤون الإعلامية