رغم حرصي على حضور أي فعاليات تتعلق بالمشهد الثقافي والمعرفي، إلا أنني للأسف لم أتمكن مؤخرا من تلبية الدعوة للمشاركة في فعالية مسابقة برنامج "أقرأ" في نسختها الثانية التي نظمتها شركة أرامكو بمركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي التابع لها، وذلك ضمن برنامج إثراء المعرفة الذي تعمل الشركة على تطبيقه بصورة تجعله مواكبا للحاجة المعرفية التي يتحقق معها معنى الإثراء.
"أرامكو" تتمتع بأعلى حس للمسؤولية الاجتماعية، وتلك احترافية مطلوبة في جميع المؤسسات الوطنية التي تعمل في جميع المجالات الاقتصادية، وهذا الدور المعرفي أصيل ولا شك في أدبيات الشركة، إذ إنها منذ عقود تثري المعرفة بالفعل من خلال مدارسها ومؤسساتها العلمية والتعليمية، وهي بذلك تواصل تعزيز دورها الاجتماعي الذي نفقده لدى غيرها.
فكرة الإثراء المعرفي، في تقديري، استراتيجية للمدى البعيد، وكما ظلت "أرامكو" نموذجا ينبغي امتثاله لدى غيرها؛ إلا أن هؤلاء "الغير" لا يماثلونها شكلا أو مضمونا، وحين تغيب أي مؤسسة اقتصادية أو مدنية عن المشهد المعرفي في الإطار الاجتماعي، فإنها تتحول إلى عمل ربحي مجرد من أي عمق اجتماعي أو حتى وطني؛ لأن القياس الحقيقي إنما هو في الانعكاس على المجتمع والتفاعل معه على ذات السياق الذي تضطلع به "أرامكو".
نحتاج إلى القراءة والمعرفة، وترسيخ كثير من السلوكيات ذات الصلة بتطور الوعي الاجتماعي، وذلك بالفعل ما تمنحنا "أرامكو" دون أن يقتدي بها الآخرون، وفي مقدمتهم البنوك التي تتعامل بسطحية مع المسؤولية الاجتماعية، وتقديم فعاليات إثرائية كهذه، أما المؤسسات المدنية ذات الصلة بالنشاط المعرفي، فلا أقل من القول: إن الضرب في الميت حرام، وحسبنا جهد "أرامكو" إن استطاعت أي جهة القيام بجزء منه، فللمجتمع حقوق ضائعة لدى الشركات ومؤسسات القطاع الخاص، وهي بحاجة إلى مراجعة، ثم لجمها عن السلوك الربحي الذي يغيبها عن استحقاقاتها الاجتماعية.