يخبرنا التاريخ أن المغول حين غزوا بغداد في القرن الهجري السابع، كانوا يُحضرون الجنود المسلمين ويقتلونهم في الأسواق، وأماكن التجمعات، استنكر الناس في بادئ الأمر ما يحدث، وكانت ردة فعلهم صاخبة، لكن تكرارها مرارا أصبح أمرا معتادا، وتراجعت حدة الانفعال، حتى أصبح نحر المسلم ودماؤه المراقة ظلما وعدوانا أمرا معتادا لا يلوون على ردة فعل تجاهها ولو باحتجاج بسيط.

كان الهدف من ذلك خبيثا؛ لأجل أن يتعود الناس على مناظر الدم ولا يأبهون بها، حتى زاد المغول بأن باتوا يقتحمون البيوت ويذبحون أهلها على مرأى العامة، بل إنهم تجاوزوا إلى أن يطلبوا من بعض العامة أن يستلقي في الشارع وينتظر ذبحه، ويفعل دون ردة فعل. حتى سيطروا على أفئدة الناس وقلوبهم ودان كل شيء لهم دون أي مقاومة.

هذه التوطئة أعلاه أسوقها بعدما باتت مناظر الدم القادمة من سورية أمرا معتادا ومألوفا، بل إن المستنكر ـ خلال نشرات الأخبار ـ صار ألا يقتل أحد هناك؟!.

نعم، فالناس هناك في حلب وأخواتها يلقون ما لقيه أهل بغداد من التتار المغول، أولئك الذي عرفوا وحشية متفردة عبر التاريخ ، وبدا أن المقبور ـ بإذن الله ـ بشار يملك جميع الصفات الوحشية التي لم تعرفها الإنسانية من قبل، فهو يضرب مواقع النساء والأطفال أكثر من مقاوميه؛ ليبث الرعب في الأوصال، وليجعل الناس يستكينون لحكمه.

البراميل المتفجرة بالبارود والقتابل أصبحت ضمن السياق اليومي لهم كمأساة وخنوع أيضا، وعلى الجميع في سورية أن ينتظر دوره؛ ليجسد المجرم بشار سياسة المغول الدنيئة في قلوب السوريين، ويعممها على العرب المحيطين، وحتى غير البعيدين؛ حتى أصبحت أرض الشام تفوح برائحة البارود التي أدمنها الناس وباتوا كأهل بغداد أيام هولاكو يتعايشون مع الموت والدمار ضمن برنامجهم اليومي.

ما الذي علينا أن نفعله كي ننهي قصة سورية. أن نرضى بالعهر السياسي القائم؟! ونتلحف بالرداء الذي أرادته إيران للمنطقة، لا حول ولا قوة لنا، نستجدي أميركا، ونسترضي فرنسا، ونلوم روسيا والصين، أم نقبل بسياسة البلاد الخانعة، وننتظر الفرج من رب العالمين؟!

صدقوني، إن سوء الأمر في سورية قد دفع كثيرين من أبناء الشام الكارهين للأسد وزمرته، إلى أن يدعوا الله أن تعود الأمور إلى ما قبل انفجار الأوضاع، فعلى الأقل يسلمون من البارود، ويبقى لديهم بعض أمل في الحياة. وهو ما أراده ويريده الطاغية وزمرته، لكن في ظل فرض الأمر الواقع، وإذا استمرأ العالم الأمر، دون ردة فعل كما حدث مع المسلمين تجاه المغول حينما قُتل نحو مليوني مسلم، فإن الأمر سينبئ بأكبر مأساة عرفها التاريخ، فبشار في طريقه لتجاوز الأمر، ولا يعنيه التاريخ ومن يكتبه.

إيماننا بالله قوي؛ لأن إرادة الحق أقوى من إرادة الطغاة، والشعوب تنتصر مهما كان الخصم، وحتى لو كان الحليف جبانا متواريا.