تشير الأخبار المتواترة من كواليس القرار السياسي إلى حزمة من القرارات والأخبار السعيدة، التي ستعيد مؤشر البوصلة في العالم العربي إلى حالة من التوازن والانضباط، بعد فترة من الارتعاش والفوضى بعد أن سادت حالة من الذهول نتيجة التحولات التراجيدية التي مرت بالمنطقة خلال ما سمي كذبا بـ"الربيع العربي"، الذي تظهر آثاره الدامية حتى اللحظة على سورية وليبيا واليمن والعراق، من تفشي التنظيمات المتطرفة القاعدية والداعشية وغيرها.

وتقوم المملكة بقيادة هذا التوجه لتجسير العلاقات العربية/ العربية وتنحية الخلافات، من خلال إبراز نقاط التوافق والالتقاء، وإزاحة المختلف عليها جانبا، ويتضح ذلك خلال الزيارات المتتابعة للقادة العرب إلى جدة، والالتقاء بخادم الحرمين الشريفين عبدالله بن عبدالعزيز، وكذلك الجولات المكوكية لمبعوثي خادم الحرمين الشريفين في العواصم العربية والدولية.

والمملكة تمضي في سبيل تحقيق ذلك إلى استخدام عقلانيتها السياسية، وحلمها الطويل، ووزنها الكبير والمقدر خليجيا وعربيا وإسلاميا ودوليا.

ومن هنا، فإن شعوب مجلس التعاون الخليجي يشعرون هذه الأيام بتباشير عودة المياه إلى مجاريها، التي تعكرت خلال الفترات القريبة الماضية، لكنها رغم كل شيء عادت من خلال كثير من الجولات واللقاءات الشخصية إلى أصلها الطبيعي، وقدمت الأخوة والعلائق الجامعة والمشتركة بين شعوب وقيادات المنطقة على الطموحات والنزوات الشخصية، ولهذا فإننا بعد أن تزول آثار الخلافات، وما أورثته من احتقان وشك، سنتطلع الى ضرورة تفعيل "الاتحاد الخليجي" وهو المشروع الحلم الذي أطلقه خادم الحرمين الشريفين، ذلك أن ما يجمع دول مجلس التعاون الخليجي من تجانس ثقافي واجتماعي واقتصادي، هو أكثر مما تتفرد به كل دولة خليجية من خصوصية، وهو أيضا أكثر مما يتوافر في بقية دول المحيط العربي.

ولعل دول مجلس المجلس قد استحضرت المخاطر التي أحاطت بها خلال الفترة الماضية، من خلال الاستقواء بالتنظيمات الداعشية المتطرفة، التي تجري الترتيبات لضربها والحد من تغولها في القتل، وكذلك انتشار مد التأييد لها بواسطة الإنترنت، الذي صار في الواقع ساحة تمويلها بصغار السن الطائشين.

على أن المنطقة إجمالا تشهد انفراجا نسبيا من خلال التحولات التي حدثت في العراق ثم ستمضي إلى اليمن كما أن الحملة الأممية على "داعش" ستنعكس سلبا على النظام السوري من خلال تقوية المعارضة وتوحيدها وتدريبها في مواجهة بشار الأسد الراحل بلا شك.

وبالنظر إلى كل المعطيات والتحولات الأخيرة في العراق واليمن وفي مواجهة "داعش" وكذلك الانفراج الخليجي المنتظر، فإن ذلك كله يظهر بجلاء واضح الدور المحوري والرئيس للمملكة العربية السعودية، وما بذله خادم الحرمين الشريفين من جهد متتابع لرأب هذه التصدعات العربية / العربية.