كثير من الأسئلة الكبيرة إجاباتها بسيطة للغاية..

يسألني أحدهم: لماذا تكثر مشاكل العمالة الوافدة في دول خليجية دون أخرى.. ولماذا تكثر جرائمهم في مجتمعات محددة دون سواها؟!

قلت له: سؤالك محرج ومهم، أهميته تتركز في كون الإجابة الصحيحة عليه هي الخطوة الأولى نحو حل المشكلة.. خذ الأمر ببساطة ودون تعقيد.. هذا العامل - والعاملة أيضاً - عندما يسافر، عندما يتغرب، ويترك بلده وأسرته ومجتمعه، هو لا يبحث عن المتعة والتسوق والراحة والطبيعة و"تغيير الجو"، هو جاء حاملاً على كتفه طموحات كبيرة، وآمالاً عريضة، جاء يفكر بمستقبله ومستقبل أولاده وأسرته.. مثل كل شاب، مثل كل أب في العالم.. جاء ليقضي فترة من حياته بحثاً عن الوقود، جاء بحثاً عن المال.. الحاجة هي التي جاءت بالكثيرين منهم بغرض البحث عن العمل.. وبناء الذات، والاعتماد على النفس..

ولك أن تتخيل معي.. وهنا الجزء الثاني من المعادلة، يأتي هذا العامل، فلا يجد سكناً يأويه.. ولا يجد صاحب عمل يحترم إنسانيته، ولا يجد عملاً في الأساس يناسب قدراته أو خبراته.. وبالتالي لا يجد راتباً نهاية الشهر.. يصبح أمام مفترق طرق..

الخيارات التي أمامه حينذاك محدودة - إما أو، كما يقال - إما أن يحزم أمتعته - إن كان لديه أمتعة - ويغادر إلى بلاده يجر أذيال الخيبة والفشل.. وهذه خطوة لا يتخذها إلا القلة القليلة ومن جنسيات محددة أيضاً..

أو يتحول إلى "ذئب أجرد" يخالف النظام.. يسرق.. يرتشي.. يُفسد.. يغش.. يقتل.. يصبح عضواً طارئاً فاسداً في هذا المجتمع.. ويبدأ في جمع المال بهذه الطرق الملتوية، "أنا ومن بعدي الطوفان"!

- هذا هو السبب في تباين مستوى الفوضى العمالية بين دولة وأخرى.. بين مجتمع وآخر.. إن أردت أن تقضي عليها، يجب عليك تهيئة البيئة والأرضية الملائمة لذلك..