السمعة التجارية لأي مؤسسة أو شركة أو منشأة قابلة للكسر والخدش مع أول سلوك يتجاهل العملاء ويغفل حقوقهم في الخدمة المتميزة التي تحقن تلك السمعة وتبقيها عالية البريق، وحين تفشل في ذلك يصبح من الصعب استعادة المفقودات المعنوية التي تجعل تلك المؤسسة أو الشركة ذات أفضلية للعملاء، خاصة أن السوق تنافسي لا يسمح بخط رجعة كاف فيما يتعلق بالصورة الذهنية.

مجرد خدش بسيط يستسهله القائمون على أمر وخدمات المؤسسة والشركة يكلف الكثير الذي يتجاوز حجم الضرر الذي يحدث، وأسوق مثالا على ذلك بما حدث لي من تجربة مريرة مع طيران الاتحاد الإماراتي في رحلة طويلة مؤخرا ضاعت فيها حقيبتي ولم أعثر عليها إلا بعد ثلاثة وعشرين يوما وسط كمية من الحقائب الضالة لوجهاتها مع أصحابها، ما يدل على أنني لم أكن الوحيدة أو الحالة النادرة فيما حدث، وإنما هناك آخرون كثيرون على ذات المعاناة، وأضيف لذلك تجارب آخرين حدث لهم ذات الأمر في رحلات سابقة لهم مع هذا الطيران.

لا أعلم كيف يبرر مسؤولو هذا الطيران ما حدث من ضياع أو تضييع لحقائب المسافرين، وذلك ليس مهما في الواقع، لأنني كعميلة لديهم ينبغي أن أحظى بأعلى مستويات الخدمة التي تنتج صورة ذهنية إيجابية متميزة تجعلني أعتز باستخدام طيرانهم، ولكن التجربة فشلت بامتياز رغم أن سمعة هذه الخطوط بعكس ما حدث تماما، فهي حلّت في المرتبة التاسعة بين أفضل عشر شركات طيران في العالم، مما يجعلني أتساءل على أي معايير من واقع تجربة مماثلة لتجربتي تصنف هذه الخطوط ضمن الأفضل؟

هناك الكثير الذي تحتاج طيران الاتحاد، لبذله من أجل تحسين مستويات الخدمة والعناية بعملائها، ولست بصدد اقتراح معالجات لسوء ما حدث، ولكني أصبحت الآن على يقين بأفضلية الخطوط السعودية، رغم الملاحظات حول انضباطية بعض رحلاتها، ولكن من واقع كثرة أسفاري بها لم أتعرض لتجربة كتلك التي تعرضت لها مع طيران الاتحاد، ويكفي خطوطنا الوطنية أنها حلت ضمن أفضل شركات الطيران التي رفعت مستواها بحسب "سكاي تراكس"، كما أنها تبذل جهدا لعملية المواكبة والتطوير المستمر.

يبدو واضحا من أداء طيران الاتحاد أن الشركة انتفخت بزهو الأفضلية، إلى الحد الذي جعلها تعبث بخدمة عملائها واحترام مواعيدهم وأشغالهم، وهناك حالة من الترهل في الأداء الخدمي تجعل موظفيها يتساهلون في الخدمات أو يمارسون نوعا من الاحتيالات اللفظية الرشيقة التي تجعل الشخص متعاطفا معهم وكأن ما حدث أمر طارئ وخارج عن إرادتهم فيما هو سوء خدمة بامتياز، فأنا عندما أسافر على خط دولي طويل إنما أسعى وراء راحتي وحين أجد حجزا على خطوط متعددة وأختار واحدا يفترض أنه متميز، فذلك أمر يجب أن تحرص عليه الشركة أكثر من العميل، فالأفضلية الخدمية والتنافسية لا تأتي بالكلام الإنشائي والتواصل بالعبارات المذوقة التي لا تعيد لي حقائبي عندما تضيع وإنما يحرص موظفو الشركة على تجاوز مثل هذه الأخطاء التي تعكّر مسار وصفو الرحلة.

وقد وصلت إلى قناعة كاملة بأن الخطوط السعودية، وأكرر رغم بعض الملاحظات الخدمية، إلا أنها خيار أفضل من غيرها يستدعي كل معايير التميز والأفضلية فيما هو يفقدها كما فقدت حقائبي وتسبب لي ذلك في مضايقات كثيرة كنت في غنى عنها لو أن الشركة التزمت بمعايير الخدمة المتميزة، وهي الواقع فخ كبير لأني عندما وجدت حقيبتي عقب أكثر من عشرين يوما وجدت أكواما من الحقائب هي في حقيقتها أعداد ضحايا لا أتصور أن يكرروا تجربتهم المؤلمة مع خطوط لا تحترم عملاءها بما يجب أن يحصلوا عليه بحسب شروط التنافس وقوانين الطيران الدولية.