المباريات الودية "القوية"، ولا سيما مع المنتخبات التي تفوقنا لها مكاسب كثيرة في "تطوير" إعداد الصقور الخضر للمهمتين القادمتين: بطولة الخليج في نوفمبر، ثم آسيا في يناير.
وتعدّ مباراة أستراليا الاثنين الماضي مكسبا لمنتخبنا وفوائدها كثيرة، لأن لاعبينا لعبوا أمام محترفين، وفي ملعب جميل، ومكان أجمل "لندن". ومثل هذه المباراة تكشف مكامن الخلل بما يحتم تصحيح الأخطاء، وتقييم المستوى العام والتكتيك وعمل المدرب في مختلف الجوانب.
وشخصيا أقنعتني التجربة على عدة أصعدة، أهمها عدم اللعب مع منتخبات "أقل" من مستوانا فتكون خسائرنا فنية ومادية وربما تراجع في التصنيف، وبالتالي حينما نلعب مع منتخبات قوية يحرص اللاعب على تقديم أفضل ما لديه، ويكون لنتيجتها مردود كبير حتى لو أتت النتيجة "سلبية"، وهذا ما حدث أمام أستراليا، بإيجابية المستوى الفردي والحماس والحيوية والرغبة في إثبات الوجود، وسلبية النتيجة بفارق هدف 2/3 بعد أن كنا متأخرين أول ست دقائق بهدفين سريعين.
وهذا كشف إيجابيات في عدم اليأس والقدرة على العودة، وفي كرة القدم تحدث مثل هذه الصواعق المبكرة، التي قد تؤدي إلى نتائج كبيرة، وتبين مدى قدرة الفريق المتأخر على العودة إلى المباراة، ومن الأمثلة الجديدة المنتخب الهولندي بمدربه الجديد الخبير "هيدنيك"، تلقى صفعة قوية من إيطاليا بهدفين مبكرين أول عشر دقائق، وانتهت المباراة بهما. أيضا خسارة ألمانيا "بطل العالم" أمام الأرجنتين "وديا" 2/4 "دون ميسي"، بعد أقل من شهرين من لقاء المنتخبين في نهائي مونديال البرازيل، وحققت ألمانيا اللقب.
ومعسكر لندن لم يقتصر على المباراة الودية المفيدة والقوية، بل لعب منتخبنا مناورة مع فريق فولهام الإنجليزي، في فرصة تعزز أهداف الاحتكاك باللاعبين الأوروبيين.
إذن المعسكر مفيد على مستوى التخطيط الذي يكشف إلى أي مدى قدرة الأخضر على التناغم والانسجام والتطور قبل بطولة آسيا في أستراليا بعد أربعة أشهر، وقبل ذلك بطولة الخليج التي "نستضيفها" في الرياض بعد شهرين.
لا بد من مواجهة منتخبات قوية تساعد على رفع مستوى لاعبينا، بغض النظر عن التصنيف الدولي الذي يهتم به كثيرون ويصورونه بطولة خاصة.
نعم، هو مهم في أن نحاكي المنتخبات العالمية، ولكن يجب أن نتعايش مع واقعنا المضطرب والمتصدع بشكل عام.
نأتي للمدرب الإسباني لوبيز كارو، الذي ترك أكثر من علامة استفهام، بإشراك لاعبين في غير مراكزهم، بينما يجب أن يختار أكثر من لاعبين اثنين في كل مركز حسب مستواهم في الدوري، ولا "يخترع" على نحو تقديم ياسر الشهراني وسطا أيمن متقدما، بينما هو ظهير جوكر يسارا ويمينا، وحينما يعود لناديه سيلعب ظهيرا، فهل يعقل أن يشركه "مدرب المنتخب" وسطا متقدما في مباريات ودية متباعدة؟! وعلى حساب لاعبين مميزين قد يصابون بالإحباط وفقد الثقة في المدرب.
أيضا لم يتفاعل لوبيز مع ظروف اللقاء بعد التأخر بهدفين، بلاعبين أكثر قدرة على رفع مستوى اللعب الهجومي والتهديفي، بل غيّر لاعبين بآخرين في نفس المراكز، وقبل ذلك ركن لاعبين مميزين في الاحتياط، ثم تأخر في الاستعانة ببعضهم.
وفي هذا المقام نشيد باستثمار اتحاد القدم وإدارة المنتخب لأيام الفيفا بشكل إيجابي، ونتساءل عن طريقة مناقشة المدرب في بعض الأحداث والمناسبات، مثل قضية عبدالله العنزي، التي لم يعلن اتحاد القدم حتى الآن أي قرار أو رأي حاسم بعد تناقض تصريحات المدرب لوبيز مع مدير المنتخب زكي الصالح؟ أيضا هل تتم مناقشة المدرب في بعض قناعاته الفنية والتكتيكية؟
مهم جدا أن تكون تبريراته مقنعة، كي لا تتكرر الأخطاء التي توسع دائرة الهجوم عليه إلى درجة المطالبة بإلغاء عقده، ونحن مقبلون على بطولتين غاية في الصعوبة والحساسية.