فايع آل مشيرة عسيري


تعلقت في ذاكرتنا كحلم ليلة شاتية.. بين الأزقة، والملاعب الترابية.. تركل الأقدام المتسخة بقايا نصب، وألم، وفقر.. وامتطيت خيالي بحثاً عن ماجد والبقية..

برهة وقفت تلك الكرة كي تتأمل تناقضات العالم خلف تلك الكرة المستديرة..

هي الفقر، والإنسانية، ورغيف الأرواح الباحث عن جسد المكان..

هي البطالة المشردة في تصدعات الأرصفة، وهموم الجدران المكتظة بعبارات الحب والتحايا، والنكتة التي رأت في كرة القدم تذكرة العبور الأولى لقلوب العالم..

الدمعة التي رأت تلك الكرة وجه منديلا، والحرية البيضاء، والقضاء على عنصرية الشعوب.. هي الشعلة التي بكى لها وعليها الإنسان بعيداً عن العرق والعرف، هي الراب، والمقاهي الشعبية وحكايات العم سام..!

الكرة هي الغنى في عيون الأثرياء.. والفتيات الحسناوات، والأبراج العاجية، والطوابق الباذخة والتي تناطح السحاب ولا ترى الفقر أبداً..

هي البورصات التي رأت في الكرة استثمارات اليورو والدولار..

هي السياسة التي نفثت في الفوفوزيلا روح السلطة التي ما أن تسمعها الشعوب حتى تبدأ رحلة العمل الجاد والانصياع للأوامر، وكأن على رؤوسهم "بطحة" من تراب الفوقية..

الكرة هي ملاذ الشعوب، ولافتات التحدي الذي قهر كل المستحيل..

الكرة لغة الحب، الكرة هي الغناء للمعاناة للعوز للرحيل، الكرة هي الغناء للرومانسية والثراء، الكرة الجغرافيا التي كتبها التاريخ.

ولأن كرة القدم مستديرة وكأس العالم رأسها مثلها مثل رؤوسنا المستديرة، نشحذها نجوماً كمارادونا وبيليه وبلاتيني وزيدان.. نتسمر كي نرقص ونحتفل مع العالم بكأس البرازيل المحتكرة..

فكيف لكرة جميلة تلعب في البرازيل أن تخرج لغير هذا الساليساو.. وكيف لتلك الكرة أن تخرج عن عصمة الماراكانا، وهي كلما نظرت وجدت السامبا تزفها نحو الكوبا كابانا.. وشاطئ الأمازون، والحب والسلام..

هنا البرازيل يا كرة القدم..!