أحمد بخيت القثامي
يعد التسلط الإداري واحدا من أبرز معوقات نجاح المؤسسة، بل قد يكون المعول الأساس في هدم أي بناء مؤسسي، وباعثا رئيسا للتدمير الذاتي لذلك الكيان، ومنه تأتي السلطوية في الإدارة التربوية، التي تعبر في أخطر نواتجها عن اغتيال للعقل والنفس لأحد أركان العملية التربوية والتعليمية، حينما يصبح هدفا مستباحا لتلك العقلية الدوغمائية المتحجرة للمتسلط بشخصيته النرجسية المشبعة بأنا متضخمة، ترى تحقيق النفوذ الشخصي عبر إلغاء الآخرين، وأنهم لا يعدون إلا أدوات مسخرة لتنفيذ ما ترغب، فهي شخصية لا تعبر في حقيقتها عن قوة وتمكن، بل عن ضعف متغلغل في أعماقها، فتستتر خلف جمودها وسلطويتها لقمع الآخرين؛ لأنها تعجز عن النقاش وتقبل الحقائق، فلا ترى العالم من حولها إلا من خلال منظورها المشوه ومنطقها العقيم ورغباتها السقيمة.
العالم المتحضر اليوم جعل رهانه الأول على بناء الإنسان، واستثمار طاقاته الإبداعية، بإكسابه التعليم والتدريب المتميزين، لأنه يمثل حجر الزاوية في أي تقدم وتطور منشود، وذلك ما تقف السلطوية حائلا منيعا دون تحققه.
لذا أمسى الجمود الفكري والفردية المتطرفة بصبغتها الانتهازية، العدو الأشرس للمؤسسة التربوية التي هي الرافد الرئيس لإنتاج الكوادر البشرية في شتى مجالات العمل، وهو ما يستلزم بالضرورة الاعتراف بهذه الإشكالية وخطورتها وحجمها؛ ليكون العلاج الناجع هو طوق النجاة ومبعث الأمل.