عقليات المعلنين لم تصل إلى عصر الإنترنت، مازالت في عالم "غصب عليك تشوف الإعلان".

لم تدرك أنه "يمكنك تخطي هذا الإعلان خلال 5 ثوان"!

ما نراه اليوم على "يوتيوب" مجرد إعلانات تلفزيونية تبث في مكان آخر!. أصبحنا نسارع للضغط على زر تخطي الإعلان حتى نصل إلى المادة التي أتينا لمشاهدتها.

حين وضعت "يوتيوب" الخيار للمشاهد في متابعة الإعلان من عدمه، كانت تدرك أن هذا خيار وجود بالنسبة لها، تدرك أن المشاهد لن يهجر التلفزيون حتى يقع في براثن تلفزيون آخر يجبرها على الانتظار 30 ثانية حتى ينتهي الإعلان، وتعرف أنها ستسقط عند أول منافسة حقيقية لو فعلت، لذلك تركت الخيار للمشاهد، ولإبداع المعلن، هنا تغيرت قواعد لعبة الإعلان، وأصبح عليك كصانع إعلان أن تقوم خلال ما لا يزيد عن 3 ثوان بعملية أكروباتية معقدة تتمثل في: تشتيت فكر المشاهد حتى تنسيه المادة الأساسية التي جاء يبحث عنها، ثم لفت انتباهه إلى مادة جديدة أنت تقترحها عليه، ثم أن تملك عليه عقله بحيث لا يقترب بإصبعه من كلمة "تخطى.."، وأخيرا الشوق لمشاهدة إعلانك، الموسيقى الرومانسية، وحركة الكاميرا الناعمة والبداية الهوليودية في لقطات طويلة.

الأصوات الجهورية المدرسية أصبحت هي العدو الأول للإعلان، فلطالما كان الإعلان لعبة نفسية بين المبدعين والمشاهدين الذين يدخلون المنافسة بحوائط سد منيعة سرعان ما يخترقها صناع الإعلان، الآن أصبح السد أكثر مناعة والمشاهد أشد قوة، والمعلنون في حيرة من أمرهم بانتظار ما سيخرج به سحرة الإعلان من حيل جديدة، ومن محتوى لن تتخطاه في 5 ثوان.