تقول مقدمة الطرفة إن الأحوال المدنية في السعودية لا توافق على تغيير الأسماء إلا إذا كان الاسم "غريب جدا أو مقزز أو يعبر عن انتقاص"، وفحوى الطرفة أن المواطن سليمان بغل استاء من اسمه وأراد تغييره، فذهب إلى الأحوال المدنية وطالب بتبديله، وبعد أخذ ورد اقتنع المعنيون ووافقوا على طلبه جراء سوء الاسم الذي يحمله، ورموا إليه بالاستمارة التي يراد منها كتابة الاسم السابق والجديد، فكتب أمام فقرة الاسم السابق المراد تغييره: سليمان بغل، ثم انتقل ليكتب أمام الاسم الجديد المطلوب: إبراهيم بغل؟!

انتهت الطرفة.. لكن ما دفع إلى سردها سواء كانت مبهجة أو ثقيلة دم هو واقعنا الحالي الذي كلما أردنا تغييره، نغير من إطاره، لكن فحواه غير المقبول ما زال مستمرا، حانت فرص كثيرة للتغيير والارتقاء لكننا لم ندرك ماهية هذا الارتقاء، بل ما نريد منه.

وعليه فأنا كما غيري قد استفزني كثيرا ما حدث من قبل وزارة الإسكان. إعلان عن مشاريع مساكن متكاملة للمواطنين المحتاجين للسكن، وانتظار ففرز، وهلم جرا حتى تبين الأمر باختيارات لم تكن تكفي لاستيعاب الأحلام التي واكبت إعلانها، وبإجراءت أشد تعقيدا وأكثر تكبيلا وبمساحات أقل ومواصفات لا يعلم بها إلا رب العباد، وكأن وزارتنا الموقرة تقوم بدور ما قام به السيد سليمان بغل.. فلا هي قامت بالجديد، ولا هي غيرت مفهوم السكن الذي نريد، لذا هي حملت الاسم الذي كان من المفروض تغييره.

إن من يطلع على شروط وآليات وزارة الإسكان يعتقد أن ما تقوم به منحة كاملة من فرط الشروط الصعبة، أيضا فالوزارة قد أرهقت نفسها بالقيام بكل الأدوار الخاصة بالمسكن، فهي الكاشفة عن التزوير الباحثة عن الهويات وأفراد العائلة.. وهي المقاول الذي يبني ويحدد صلاحية الأرض، غير الواثق بالمقاول والمطور السعودي، في المجمل أنها عرفت التشتت وأضاعت المتقدمين معها، والسبب وحسب ما نقرؤه من ردود فعل أنها لم تتهيأ جيدا لمثل هذه المشاريع الضخمة.

الأمر برمته امتداد لصندوق التنمية العقارية لكن بقيود أشد وأكبر، في الأول كان حقا لكل مواطن مهما كان دخله ومستواه المعيشي وما يملك من مساكن أن ينال القرض.. لكن لدى وزارة الإسكان -وفق التعقيدات- قد يكون السبيل لنقض العقد فاتورة كهرباء تحمل اسم المتقدم، عن منزل عشوائي لا يملكه؟!

الوزارة في بداية مشروعها جعلت كل مواطن يعيش حلم السكن المناسب له ولأسرته، إلا أنها وحسب شروطها تريد أناسا بلا مأوى يفترشون الأرض ويلتحفون السماء لكي تضمهم إلى قائمتها، وكأن الأمر ليس خاصا بذوي الدخل المحدود ممن لا يملكون مسكنا فقط، فما تمنيناه أن تكون الوزارة أكثر تفاعلا مع الناس حينما وعدتهم بالسكن. تمنيناها كذلك وهي التي بدأت أمرها بالتهديد والوعيد والشروط الصعبة!

ما نتمناه أن تراجع الوزارة شروطها وتتنازل عن بعضها، لأن الأساس في المشروع أن السكن للعائلة التي لا تملك مسكنا من جراء عدم القدرة على التملك.