جبلنا على الجفاف والشحوب والشدة والتصادم، ولا سيما أن الرياضة تعكس الكثير مما يدور في نطاق خصوصيتنا، وهذا لا يلغي متميزين في التعامل والبساطة والأريحية.

واليوم أقف مع قضية شغلت الساحة الإعلامية بصخب مضاعف، ولا سيما أن الهلال طرف أساسي على صعيد (طلب) استثناء لاعبيه من معسكر المنتخب في لندن، ولم يُستجب له، فطلب نقل مباراته مع نجران إلى الرياض، على أن تكون مباراة الدور الثاني في نجران، وتقديم مباراته مع الفتح في الأحساء يومين لتقوية جاهزية الفريق فنيا ونفسيا وبدنيا قبل مواجهتي العين الإماراتي ذهابا وإيابا في منعطف تاريخي لبلوغ نهائي دوري أبطال آسيا.

ورغم الموافقة على (الأهم) بنقل مباراة وتقديم أخرى، بقرار من (المكتب التنفيذي) لاتحاد القدم، لم يكلف نادي الهلال نفسه ببيان إعلامي يشكر فيه اتحاد القدم وناديي نجران والفتح على هذا التجاوب الذي خفف حملا ثقيلا سيكون له أثر فاعل في تحقيق التأهل – بإذن الله – إلى نهائي دوري أبطال آسيا.

المؤسسات العملاقة يجب أن تسمو إلى ما يعزز الإيجابيات ويقوي لحمة المجتمع الرياضي، أو بمعنى أدق تخفيف حدة التعصب والتنافر والتصادم، ومن واجب الأندية الكبيرة وفي مقدمتها الهلال، أن تعزز هذه المبادئ وتتغاضى عن الهفوات التي يسعى البعض إلى تهويلها.

وفي شأن الاتحاد السعودي لكرة القدم، أعيد ما قلت بأنه أخطأ حينما لم يرد (إعلاميا) على طلب الهلال بشأن لاعبي المنتخب، وصمت – كعادته في الكثير من القضايا – إلى يوم دخول اللاعبين المعسكر وبانضمامهم وصلت رسالة الرفض دون أن نعرف المبررات، وهذا يجعل اتحاد القدم تحت طائلة النقد والتأويل.

لكنه في الطلب الثاني يستحق الشكر على تجاوبه المثالي وهو يحترم رأي لجنة المسابقات بتمسكها بما في الجدول من مساواة بين الجميع، ويتخذ القرار من خلال المكتب التنفيذي الذي يرأسه أحمد عيد، ومن مهامه التجاوب مع القضايا العاجلة، وكان قراره بالموافقة على اتفاق الهلال مع ناديي الفتح ونجران لمصلحة (إعداد) الفريق آسيويا على عدة أصعدة، ولا سيما أن هذا الإجراء لا يضر أندية منافسة، وقاد اتحاد القدم إلى صيغة بند بأن أي ممثل للوطن يواجه نفس ظروف الهلال سيتم التعامل معه بنفس الطريقة، أي أنه وجد في مشكلة الهلال حلا مستقبليا يلغي أية اجتهادات أو تأويلات.

ومن جانبي دائما أشدد على أن اتحاد القدم يجب أن يثبت في القضايا صغيرها وكبيرها أنه (السلطة العليا) يتخذ ما يراه مناسبا دون الاكتراث للتأويلات أو ما يؤججه المتعصبون والغوغائيون..!

وبالمناسبة أتعجب من أقلام لها تاريخ طويل تتحدث بأسلوب رخيص ينمي لغة الحقد والكراهية ويؤصل لفكر متخلف في التعامل مع التنافس الرياضي ودعم الأندية في البطولات الخارجية دون إضرار بالمنافسين ولا بالمسابقات. وتجرفهم ميولهم للحديث عن النظام الدولي للفيفا والنظام المحلي بخلط عجيب ينم عن عدم فهم أو تغليب الميول وتجاهل القانون والأنظمة التي يسنها الاتحاد المحلي ولا تتعارض مع أنظمة الفيفا الملزمة، والأسوأ أن قانونيين ومحامين يخلطون بين القوانين العامة وقوانين الرياضة.

نتمنى أن تسمو العلاقة بين اتحاد القدم والأندية، وأن يكرس اتحاد القدم أنه السلطة المشرعة ويقرر دائما لتحقيق المصلحة العامة من خلال لجان مختصة وفي بعض القضايا يشكل لجنة للبت فيما يحدث ظرفيا. وفي المقابل من واجب الأندية أن تعزز ثقتها في اتحاد القدم وأن تتعاون بما يساعد على تجفيف منابع التعصب وكبح جماح الضدية، وأوجب الواجبات أن تلتقي علاقة الأندية مع اتحاد القدم بما يثبت أنهم في مركب واحد، وأن يتعامل (جميع) رؤساء الأندية بأنهم تحت سيادة الاتحاد برئاسة أحمد عيد.