في كل عام يتم إنجاز العديد من الأبحاث العلمية داخل وخارج المملكة عن المملكة وشؤونها، ويشارك العديد من الأفراد والجهات في تنفيذها ولأهداف مختلفة، وغالبية هذه الأبحاث يتم نشر نتائجها، ويتم إثبات عدد من التوصيات ذات العلاقة بالنتائج التي تم التوصل إليها في ضوء أهداف البحث ومتغيراته المختلفة؛ فأعضاء هيئة التدريس بالجامعات يقومون بتنفيذ العديد من الدراسات والأبحاث العلمية بهدف الترقية لرتب علمية أعلى، أو لدراسة موضوع أو مشكلة في المجتمع كل في تخصصه، وجزء كبير من هذه الأبحاث يتم دعمها ماليا من مخصصات البحث العلمي بالجامعات من خلال عمادات البحث العلمي، أو مراكز الأبحاث العلمية المختلفة بالكليات، أو من خلال تلقي الدعم من جهات خارج الجامعة مثل الدعم الذي تقدمه شركة سابك، أو مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، وغيرها من الجهات الأخرى التي لا تبخل على دعم البحث العلمي، ومع ذلك لا نجد لهذه الأبحاث التي يتم القيام بها نتائج كبيرة في حل العديد من المشكلات التي تواجه المجتمع، أو ليست لها نتائج كبيرة يكون لها عامل تأثير على المستوى المحلي أو الإقليمي. كما يقوم الطلاب في برامج الدراسات العليا بإجراء أبحاث علمية كمتطلبات لإكمال الدرجات العلمية المسجلون بها، وهذه الأبحاث بالإمكان أن تكون رافدا قويا لتنفيذ دراسات لها قيمة علمية، ويمكن توجيهها بما يخدم المجتمع، وفي هذه الأبحاث يتم اتباع المناهج العلمية أثناء تنفيذها، وتحت إشراف أعضاء هيئة التدريس المتخصصين في مختلف المجالات التي يتم بحثها وتقصيها، ومع ذلك لا نجد إلا أعدادا محدودة جدا من هذه الرسائل التي تتوصل إلى نتائج ذات قيمة علمية تتصف بالجدة والأصالة.
قد يعود السبب في عدم بروز نتائج أبحاث طلاب الدراسات العليا في الجامعات المحلية أو العربية إلى عدم الاختيار المناسب للموضوعات التي تتم دراستها، وما يتم في كثير من هذا النوع من الدراسات هو تكرار لما تم إنجازه من أبحاث ودراسات سابقة في دول أخرى مع عمل تعديلات طفيفة عليها، وبذلك فهي تفتقر للجدة والأصالة، ولا نتوقع منها الكثير لأن الباحث لا يريد أن يتعب نفسه، ويتعمق في هذا المجال، وينتهي البحث ونتائجه وتوصياته بمجرد انتهاء طالب الدراسات العليا وحصوله على الدرجة العلمية، ولا تكون هناك استمرارية للبحث والتقصي في المجال نفسه، وهنا لا يمكن أن نعمم ونقول إن جميع هذه الأبحاث العلمية والرسائل غير جيدة، ولا توجد بها نتائج مفيدة، ولكن المشكلة تكمن في أن مصير كثير من هذه الأبحاث الحفظ في أرفف مكتبات الجامعات، أو لدى الباحثين أنفسهم، وهذا نهاية المطاف لأبحاث رسائل طلاب الدراسات العليا، فلا يتم نشر كثير من نتائجها، كما أن طلاب الدراسات العليا في دول الابتعاث يقومون بتنفيذ العديد من الدراسات بإشراف علماء متخصصين، ومع ذلك لا نجد لهذه الأبحاث أي صدى، أو سمعة علمية عدا بعض الحالات الفردية القليلة التي يتم نشر بعض النتائج التي تم التوصل إليها في هذه الدراسات.
المصدر الآخر للبحث العلمي هو مراكز الأبحاث المنتشرة في مختلف الجهات غير الأكاديمية مثل الوزارات وبعض المستشفيات، وفي أغلب الأحيان لا يتم القيام بالأبحاث والدراسات إلا بعد ظهور الحاجة الملحة لها مثل ظهور مشكلة في مجالات هذه الجهة، ونتيجة لذلك يتم بحث وتقصي هذه المشكلة، وتقديم الحلول المناسبة لها، وهذا النوع من الأبحاث يتوقع أن يكون متخصصا وموجها لدراسة مشكلات محددة، لكننا لا نجد نتائج كبيرة لها، وقد تقوم بعض هذه الجهات بالتعاقد مع الجامعات من خلال الأقسام المتخصصة لتنفيذ مثل هذه الدراسات، ومع ذلك لم نجد أي دراسات ذات نتائج لها انعكاسات إيجابية على المجتمع بشكل مباشر، وتسهم في حل مشكلاته.
وبعد هذه السنوات الطويلة من تنفيذ الأبحاث والدراسات العلمية أرى أننا بحاجة لجمع وتصنيف جميع الدراسات التي تم تنفيذها عن البيئة السعودية أو موجهة لدراسة مشكلات المملكة، وتقوم بذلك مراكز الأبحاث المتخصصة في الجامعات حسب تخصصاتها وفق تنظيم محدد، بحيث يتم التعرف على هذه الدراسات، وحصرها بناء على مجالاتها، ويتم تنظيمها لتكون في متناول الباحثين، ومرجعا تتم العودة له حين الحاجة، ويمكن من خلال ذلك تفادي التكرار والازدواجية في تنفيذ الأبحاث والدراسات، ويمكن تحديد أوجه الاستفادة من نتائجها، كما الأمل في الله - سبحانه وتعالى - أولا ثم في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية في تنفيذ عدد من الأبحاث التي لها الجدة والأصالة لخدمة المجتمع وحل مشكلاته.