في الخامس من سبتمبر، أي بعد غد الجمعة، تكون قد مرت خمس سنوات منذ بدأت الدراسة في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية لأول مرة في 05/09/2009، ولا أزال أتذكر هذه الكلمات التي قالها مؤسس الجامعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، الذي كان يحلم ويتطلع إلى مستقبل يرتكزُ على المواهب، يقول الملك: "إن الموهبة دون اهتمام من أهلها أشبه ما تكون بالنبتة الصغيرة دون رعاية أو سقيا، ولا يقبل الدين ولا يرضى العقل أن نهملها أو نتجاهلها، لذلك فإن مهمتنا جميعاً أن نرعى غرسنا ونزيد اهتمامنا ليشتد عوده صلباً، وتورق أغصانه ظلاً يستظل به بعد الله لمستقبل نحن في أشد الحاجة إليه، في عصر الإبداع وصقل الموهبة وتجسيدها على الواقع خدمة للدين والوطن".

لا شيء يعادل الاستثمار في البشر، وليس هناك أرقى وأهم من العلوم التي تعد استثماراً حقيقياً يستهدف الإنسان أولاً بخلق جيل جديد يرتكز على الموهبة والوعي معاً، ما سيضع المملكة في مصاف الدول المتقدمة وهي تبني أقوى أساس ممكن لنمو قطاع المعرفة والابتكار في جامعة الملك عبدالله.

وأذكر أن بيل جيتس في حديثه إلى مجلس النواب الأميركي في مارس 2008: "يعتمد الابتكار في الولايات المتحدة دائماً على إسهامات العلماء والباحثين الأجانب الذين لم يولدوا في أراضيها.. وبين عامي 1995 و2005، أنشأت الشركات التي أسسها على الأقل مؤسس أجنبي واحد أكثر من 450,000 ألف وظيفة جديدة في الولايات المتحدة الأميركية.. ولكل (تأشيرة دخول لغير المهاجرين تصدر لأجنبي متخصص بموهبة معينة) ويتم توظيفه بواسطة شركات التقنية، تستحدث خمس وظائف إضافية متعلقة بهذا الشخص".

ولهذا في الاقتصاد العالمي، اليوم، "نجد أن أفضل المواهب العلمية والهندسية والإدارية محدودة ومتناثرة في جميع أنحاء العالم. والتنافس على توظيف الأفضل أصبح شرسا، ولأسباب وجيهة. تأتي الابتكارات والاختراعات من الناس الذين يتحلون بالذكاء والإبداع والتفاني. ويقول الجميع إن الاقتصاد العالمي تقوده المعرفة والابتكار. وهذا بالطبع يؤكد أن المعرفة والابتكار هي الموهبة".

من أجل ذلك، من المهم أن أنقل لكم تجربة جامعة الملك عبدالله في دعم الموهوبين النوابغ، وفق رؤية الملك عبدالله، فبالنسبة لطلبة مثل "جواهر المطلق وعبدالمحسن البلوشي وشهد باوارث ويوسف العويد"، فإن إجراء أبحاث في جامعة الملك عبدالله في هذا الصيف كجزء من برنامج جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية للطلبة الموهوبين كان يمثل فرصة لا مثيل لها للنمو والتقدم الأكاديمي والشخصي.

وبحسب الجامعة البحثية، فإن هذا البرنامج يمنح الطلبة السعوديين الموهوبين أكاديمياً الفرصة للحصول على الدرجات الجامعية في مجالات العلوم والهندسة من جامعات الولايات المتحدة. كما يعدهم للقبول النهائي في جامعة الملك عبدالله عبر تمكينهم من إجراء الأبحاث في جامعة الملك عبدالله خلال دراستهم الجامعية. وأجرى أكثر من 43 طالباً وطالبة أبحاثاً صيفية في هذه السنة في الجامعة.

يقول الطالب يوسف: "لقد كان هذا الصيف بالنسبة لي ممتعاً جداً، وتجربة رائعة للتعرف على الأبحاث المختلفة التي تجرى في جامعة الملك عبدالله قبل المجيء إلى هنا للحصول على درجة الماجستير. وبالفعل تعلمت الشيء الكثير". ويدرس يوسف سنته الثانية في معهد ماساتشوستس للتقنية في العام الدراسي القادم وعمل مع البروفيسور عثمان بكر لتطوير الخلايا الشمسية.

وتشاركه الطالبة جواهر نفس مشاعر الإعجاب بالجامعة بقولها: "جامعة الملك عبدالله رائعة جداً". وتعمل الطالبة جواهر مع البروفيسور إيمان رقعان لدراسة الخصائص البصرية وبنية أفلام أكسيد الزنك الرقيقة (Gd) التي تستخدم في العديد من التطبيقات، بما في ذلك الخلايا الشمسية والمستشعرات الحيوية. وتقول جواهر: "سبق أن أجريت تجارب على السبائك المعدنية في جامعة ولاية بنسلفانيا، لذلك كان بحثي في جامعة الملك عبدالله فرصة جيدة لاستكشاف فئة مختلفة من المواد". وستكمل جواهر درجة البكالوريوس في علوم وهندسة المواد في العام المقبل، وتخطط لدراسة تقنية النانو في جامعة الملك عبدالله للحصول على درجة الماجستير.

وتدرس الطالبة شهد الهندسة الحيوية في جامعة جورج ماسون، وتعمل مع البروفيسور كلاوس فيكتور بينيمان في مركز الأغشية المتطورة والمواد المسامية، حيث تتعلم كيفية إنتاج الأغشية المركبة. وتقول شهد "لا أعتقد أنه يمكنني القيام بمثل هذه النوع من الأبحاث المتطورة مع أساتذة مرموقين والحصول على دعم كبير في أي مكان آخر. وكنت في الأساس أرغب بدراسة القانون ولكن الآن أرى مستقبلاً واعداً في مجال العلوم".

ويتحدث الطالب عبدالمحسن عن أنه اكتشف مجالاً بحثياً جديداً له خلال عمله هذا الصيف مع البروفيسور رافي سامتانيي في مختبر محاكاة السوائل والبلازما. ويقول: "بحثي في جامعة الملك عبدالله جعلني أهتم في مجال الميكانيكا الحسابية للموائع. أنا بالتأكيد متحمس للعودة إلى جامعة الملك عبدالله لدراسة درجة الماجستير، وعندي رغبة كبيرة لإكمال درجة الدكتوراه فيها، كي أتمكن من العمل في مجال الأبحاث".

وتحدثت الطالبة جواهر عن أن المعرفة المكتسبة من الكتب المدرسية والفصول الدراسية مهمة جداً، إلا أنها غير كافية. وتقول: "أتاح لي بحثي الصيفي في جامعة الملك عبدالله التعرف على مجال دراستي بصورة أفضل. وهي فرصة رائعة وستكون لها آثار إيجابية كبيرة في النهوض بالعلوم والتقنية في بلدي، وهو الدافع الأكبر لي في خوض هذه التجربة الفريدة".

برنامج جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية للطلبة الموهوبين الذي لا يزال في عامه الخامس يثري الجيل القادم من القادة السعوديين في العلوم والأبحاث والابتكار.. والمستقبل أكثر إشراقاً ونوراً.