ارتياح كبير قابل به المجتمع المصري خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، الذي بعث به للرئيس المنتخب عبدالفتاح السيسي، حيث وجدت تلك الكلمات الواضحة إشادة العديد من الخبراء السياسيين في مصر، الذين رأوا أنها تؤكد عمق العلاقات التاريخية بين البلدين، منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز، رحمه الله، وحتى عهد أبنائه، الملك سعود، والملك فيصل، والملك خالد، والملك فهد، ثم شهدت دفعة قوية في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز.
حقيقة مؤكدة
ويرى السفير المصري لدى المملكة عفيفي عبد الوهاب، أن السيسي أصاب الحقيقة عندما وصف خادم الحرمين الشريفين في أحد اللقاءات التليفزيونية بأنه "حكيم العرب وكبيرهم". ويقول: "الموقف التاريخي للملك عبدالله عقب ثورة 30 يونيو كان حاسماً وقاطعاً، وهو ما يمثل في مضامينه ومعانيه امتداداً لمواقف كل ملوك المملكة". والمطلعين والمتابعين للسياسة الخارجية السعودية أدركوا عندما خرج الملك عبدالله، عقب ثورة 30 يونيو ليعلن بنفسه وعبر كلمة صوتية وليس بياناً مكتوباً دعم المملكة لمصر، أن المعادلة قد تغيرت، وأن المملكة قد ألقت بكامل ثقلها لدعم أشقائها في مصر، وهو ما جسدته بالفعل الدبلوماسية السعودية ووزيرها "المحنك" الأمير سعود الفيصل، الذي ساند مصر بكل قوة، كي يوضح للعالم حقيقة ما جرى، وأنه لا مجال للابتزاز أو التلويح بورقة قطع المساعدات".
ونوه السفير عفيفي بـ"شبكة الأمان المالي"، التي وفرتها المملكة، ومعها الأشقاء في الإمارات، والكويت، والبحرين، حيث تجاوزت قيمة حزمة المساعدات التي قدمتها الدول الثلاث منذ 30 يونيو وحتى الآن 20 مليار دولار، تنوعت ما بين منح مالية ومنح عينية، تتمثل في منتجات بترولية، وودائع لدى البنك المركزي المصري وقروض ميسرة.
علاقات متميزة
من جانبه، يقول أستاذ التاريخ بجامعة الزقازيق عبدالحكيم الطحاوي في تصريحات لـ"الوطن": إن "كلمات خادم الحرمين الشريفين تعد استمراراً لسياسات المملكة الداعمة لمصر منذ بداية حكم المؤسس الملك عبد العزيز، وصولاً إلى عهد خادم الحرمين الشريفين، وهي العلاقات التي تميزت بتماسكها على الصعيدين الشعبي والحكومي، حيث تعد العلاقات بين البلدين متميزة، نظراً للمكانة والقدرات الكبيرة التي يتمتعان بها على الأصعدة العربية والإسلامية والدولية، فهما قطبا العلاقات والتفاعلات في النظام الإقليمي العربي، وعليهما يقع العبء الأكبر في تحقيق التضامن العربي والوصول إلى الأهداف الخيرة المنشودة، التي تتطلع إليها الشعوب العربية من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي".
دعم متواصل
ويشير أستاذ التاريخ بجامعة الأزهر الدكتور عبدالشافي عبداللطيف، إلى بعض المواقف التي تؤكد عمق ومتانة العلاقات بين البلدين. وقال: "من بين تلك المواقف، دعم المملكة مطالب مصر الوطنية في جلاء القوات البريطانية عن الأراضي المصرية، ووقوفها إلى جانبها في الجامعة العربية والأمم المتحدة وجميع المحافل الدولية، وفى 27 أكتوبر عام 1955 وقعت اتفاقية دفاع مشترك بين البلدين، حيث رأس وفد المملكة في توقيعها بالقاهرة الملك فيصل رحمه الله، وأثناء العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 وقفت المملكة بكل ثقلها إلى جانب مصر في كل المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية، وقد قدمت المملكة لمصر في 1956 (100 مليون دولار) بعد سحب العرض الأمريكي لبناء السد العالي، وفى 30 أكتوبر أعلنت المملكة التعبئة العامة لجنودها لمواجهة العدوان الثلاثي على مصر".
للإنسانية "ملك"
في هذا السياق، يقول رئيس جمعية الاستثمار والأعمال المصرية أحمد جلال الدين: إن "المملكة كانت وستظل من أكبر الداعمين للاقتصاد المصري، حيث تعد أكبر شريك تجاري لمصر، وذلك بفضل ما تتمتع به من ثقل اقتصادي وسياسي كبير في المنطقة العربية بأكملها. وتشير الأرقام إلى أنها دعمت مصر مالياً واقتصادياً على مدار الأعوام الثلاثة الماضية، سواء بطريقة مباشرة من خلال المنح والقروض أو بطريقة غير مباشرة من خلال استثمارات نفذها مستثمرون سعوديون في مصر خلال فترة ما بعد ثورة 25 يناير، وذلك في الوقت الذي تراجعت فيه الاستثمارات العربية لمصر بنسبة 13%، وبالرغم من الظروف الصعبة التي عاشتها مصر، إلا أن الاستثمارات السعودية إلى مصر واصلت تدفقها، فخادم الحرمين الشريفين لا ينتظر الشكر من أحد، وإنما يبادر بالمساعدة والدعم سواء المالي أو السياسي من أجل الشعوب فقط، وهو ما جعله في نظر جماهير الوطن العربي ملك الإنسانية".
رسالة واضحة
أما حازم عبد العظيم رئيس اللجنة الشبابية بحملة المشير السيسي لانتخابات الرئاسة، فقال في تصريحات لـ"الوطن": "إن تأكيد خادم الحرمين الشريفين أن أي مساس بأمن مصر يعد مساساً بالإسلام والعروبة والمملكة، يعد استمراراً للسياسات السعودية الداعمة لمصر، والتي تقوم على أن رفض المساس بأمن مصر هو مبدأ لا يمكن قبول المساومة عليه والنقاش حوله تحت أي ظرف من الظروف، كما يعد تعبيراً عن دعم المملكة للقيادة السياسية القادمة لمصر، كما أنه يعد بمثابة رسالة واضحة للتيارات أو الجماعات الدينية والفكرية المتطرفة، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين، ما يؤكد انتهاء سرطان الجماعة بلا رجعة.
"محبو مصر يهنئون"
وتوجه يوسف العميري رئيس بيت الكويت للأعمال الوطنية ومؤسس حملة "خليجيون يحبون مصر"، بالتهنئة للرئيس عبدالفتاح السيسي بمناسبة انتخابه رئيساً لجمهورية مصر العربية، وهنأ الشعب المصري بإنجاز استحقاق الانتخابات الرئاسية، مؤكداً على استمرار الدعم الخليجي لمصر حكومة وشعباً على كافة المستويات السياسية والاقتصادية.
وقال مؤسس حملة "خليجيون يحبون مصر" لـ"الوطن": "إن الكويت حكومة وشعباً ملتزمة بدعم الشعب المصري والرئيس المصري المنتخب المشير عبدالفتاح السيسي، لتحقيق تطلعات الشعب المصري ودعم أمن واستقرار مصر.
الرئيس الموقت "يشكر".. و"يوصي"
أزجى الرئيس المصري المؤقت المستشار عدلي منصور تحية للمملكة العربية السعودية والإمارات والكويت والبحرين والأردن وفلسطين، على ما قدموه من دعم لمصر خلال الفترة الماضية. وقال منصور المنتهية رئاسته في كلمة وجهها للشعب المصري: "التاريخ الذي عرف مصر موحدة منذ عهد مينا، سيذكر لشعبها أنهم حالوا دون سقوط أقدم دولة مركزية في التاريخ، وأود أن ألقي الضوء على مجمل الأوضاع التي قبلت فيها المهمة، وطن يواجه تحديات تهدد هويته ووحدة شعبه، وشعب ثار على نظامي حكم في أقل من 3 أعوام، مناخ من الاحتقان السياسي، وظروف اقتصادية مرتبكة، ثم إرهاب أعمى، وأناس شوهوا تعاليم الدين، علاوة على موقف دولي منقسم ما بين دول ربطت مصالحها بالنظام السابق، ودول كانت تؤثر الصمت ولا تمد يد العون، و30 يونيو أظهرت معادن الرجال، فتحية إلى أشقائنا الذين دعمونا منذ اليوم الأول، وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية والإمارات والكويت والبحرين والأردن وفلسطين، وأقول للمعسكر الآخر إن مصر قديمة قدم التاريخ، كانت وستظل باقية خالدة بكم أو دونكم، واعلموا أنها عائدة لا محالة لدورها ومكانتها، فهذا قدرها ورسالتها، واستمراركم في مواقفكم زيادة لكلفة التصويب في المستقبل".
ووجه منصور رسالة للرئيس المنتخب عبد الفتاح السيسي، وقال: "أحسن اختيار معاونيك فهم سندك، وتحسب من جماعات المصالح، وأوصيك بالمرأة المصرية خيراً، وأقول إن القضاء الشامخ هو الحصن المنيع فالعدل أساس الملك، وأوصيك بالشعب الصابر خيراً، وأتمنى لك التوفيق بمساعدة شعب مصر".
.. وتطلع عالمي للتعامل مع "العهد الجديد"
الرياض: إبراهيم أبو زايد
هنأت معظم الدول العربية عبد الفتاح السيسي برئاسة مصر، مؤكدة عودة مصر إلى الصف العربي، ومستبشرة بقدرة الرئيس الجديد على قيادة مصر نحو مرحلة جديدة من البناء والتنمية والتحديث وتعزيز الأمن والاستقرار والوفاق الوطني، واستعادة دورها القيادي والمحوري على الصعيدين العربي والإقليمي. وكانت السعودية أول المهنئين عقب إعلان النتائج الرسمية، حيث اعتبر خادم الحرمين الشريفين فوز السيسي بـ "اليوم التاريخي"، مؤكداً أن مصر الإسلام والعروبة دخلت مرحلة جديدة من مسيرتها، داعياً إلى عقد مؤتمر للمانحين لمساعدتها على تجاوز أزمتها الاقتصادية.
كما وجهت دول الإمارات، والكويت، والأردن، والمغرب، والجزائر، رسائل تهنئة للرئيس المصري الجديد، متمنية الاستقرار والنجاح للرئيس الجديد، وبناء المستقبل في المرحلة المقبلة. دولياً، أعلن البيت الأبيض الأميركي أن الرئيس باراك أوباما "يتطلع للعمل مع الرئيس المصري المنتخب عبدالفتاح السيسي، من أجل دفع الشراكة الاستراتيجية بين البلدين والمصالح المشتركة بين البلدين". وأضاف في بيان، نشر على موقعه الإلكتروني "الولايات المتحدة تتطلع إلى العمل مع السيسي، من أجل دفع شراكتنا الاستراتيجية والمصالح العديدة المشتركة بين البلدين، وأوباما الذي يقوم بجولة أوروبية حالياً، يعتزم الاتصال بالرئيس المنتخب في غضون أيام". من جانبه، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة "بان كي مون" عن ثقته في أن السيسي سيعمل على دعم طموحات الشعب المصري في الديمقراطية والازدهار، مضيفاً في بيان نشر على موقع الأمم المتحدة الإلكتروني، "الأمين العام أعرب عن ثقته في أن الرئيس المنتخب سيفعل كل ما هو ممكن لدعم تطلعات الشعب المصري من أجل مصر مستقرة وديمقراطية ومزدهرة، وأنه حث السلطات المصرية على تعزيز دور المؤسسات والممارسات الديمقراطية في البلاد".