يندهش البعض حين يعرف أن غلاء الأسعار هذه الموجة التي تجتاح الدول وتعانيها الشعوب وتستنفر معها الحكومات لمعالجتها، ترتبط في أحيان كثيرة بانهيارات أسواق الأسهم، وتكون الدهشة أكبر حين لا تهبط تلك الارتفاعات أبداً بعد حدوثها، وإن راقت الأسهم لمتعامليها.
العلاقة الثنائية التي تجمع التاجر بالمستهلك، علاقة يشوبها الكثير فترجح الكفة للأول على حساب الثاني في حال غياب الأجهزة التي تضبط التاجر والمستثمر، أو في ضعف الأنظمة والعقوبات والتهاون فيها، هذه المشكلة التي تستفز الجمعيات المنادية بضبط ورقابة الأسعار هي مشكلة عالمية، وإذا نظرنا إلى الواقع في السوق المحلي، فإن المستهلك يبقى منتظراً لمن يخفف من خناقة احتياجه للسلعة والتاجر، وهي المعادلة التي يحتار فيها ويضطر إلى بديل رديء رخيص الثمن.
وزارة التجارة والصناعة والجهات ذات العلاقة في المملكة بدورها، قامت بجهود واضحة في هذا السياق في الفترة الأخيرة، وذلك بدى واضحاً للحد من غلاء الأسعار خاصة في السلع الغذائية المهمة، والأمر مرهون بالتزام وتقيد التجار بالأنظمة وتحذيرات وزارة التجارة والصناعة، الأمر الذي يتطلب توحيد كافة الجهود من الجهات المسؤولة وقيادات المجتمع وقادة الرأي ومشائخ الدين، إلى محاصرة هذه الظاهرة وتكوين حاجز منيع ضدها بما يجبر التجار على كبح جماحهم ومراعاة الأمانة وقيم النزاهة في الربح والاستثمار.
وفي هذا الاتجاه جاءت تحذيرات مفتي عام المملكة الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز آل الشيخ، في طليعة تلك الجهود التي يجب أن تبادر لها مؤسسات المجتمع وقياداته المدنية والدينية لتعضد جهود وزارة التجارة والصناعة لمواجهة المشكلة.
إلى ذلك، أبدى عدد من المستهلكين استياءهم الشديد من الارتفاعات المتلاحقة للأسعار، مؤكدين أنهم باتوا لا يستطيعون الموازنة بسبب تجدد الارتفاع في سعر السلع الأساسية لهم، ويقول المواطن صالح العروان: "إننا نشيد بجهود وزير التجارة الدكتور توفيق الربيعة، إلا أننا أيضا ننشد من التجار أن يتقوا الله ويراعوا بين الربح وبين حاجات الناس الضرورية، وأن الإضرار بهم وبحاجاتهم جشع لا يمكن تحمله".