حين تردّ على أي "إشاعة" سيقال لك: "ليس هناك دخان من غير نار"، لكن لماذا يعمينا هذا "الدخان" دائما عن "الحقيقة"؟ ولماذا أعيننا فقط ترى الدخان ولا ترى النار؟
الصورة أو الفيديو أقوى دواعم الإشاعة، والتحليل والتفسير عنصران رئيسان في التمهيد لانتشار "الإشاعة"، والإعلام الجديد أسهل طريق تسلكه "الإشاعة" بسرعة قصوى دون أن تفكر بـ"ساهر"!
الصور أداة "توثيق" لما ترفق به سواء كان المرفق حقيقة أم إشاعة، فهي تزيدهما "قوة" في الحق أوالباطل. وحتى لو كان لدى القارئ حس ناقد أو هاجس باحث، ستعمل "الصورة" المرفقة على رفع مستوى مصداقية المنقول على جناح الإعلام الجديد ووسائل الاتصال الحديثة.
الحقيقة التي لا تعرف "الإشاعات" هي أن "الإشاعة" أصبحت تأكل وتشرب معنا يوميا. وهذا الواقع يستلزم أن نكون أحرص على تفحص الصورة والمقاطع والخبر والبحث عن "المصداقية" فيها كما نبحث عن المصدر في الخبر.
المَشاهد المصورة والفيديوهات الملتقطة التي تحمل في طياتها خبرا أو يرفق بها خبر، تحتاج يقظة مبدأ "الشك" قبل تصديق ما فيها، وقبل التفكير في "إعادة تدويرها إلى غيرنا" الأمر الذي نتساهل فيه كثيرا، ولا تتحمل ضمائرنا أي ذنب إذا وضعنا عبارة "كما وصلني"؛ إعادة التدوير حتى لو كان "كما وصلني" ربما يجعلك شريكا في جريمة ترويج إشاعة، والإساءة لأحد أو لجهة، وبذلك تكون مذنبا بقصد أو دون قصد. بعدما استغلك "المذنب الرئيس" و"المجرم الحقيقي" الذي دفع الإشاعة المصورة إلى ميادين الانتشار والترويج عبر وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الاتصال الحديثة، ولم يقف الأمر عند حدود "كما وصلني" بل تعدى إلى بعض "الصحفيين" الإلكترونيين الذين يحرصون على "سرعة النشر" أكثر من حرصهم على "التأكد من المصداقية"!
أحيانا يجعلك "الغباء" مذنبا رئيسا حين تمارس التحليل والتفسير لصورة وكأنك عايشت واقعها، وكنت أحد شهود العيان لها، واطلعت على كامل تفاصيل الحدث الذي التقطت الصورة لطرف منه، فتحول الصورة إلى خبر تفسيري من "دماغك" يتناقله الناس ويزيدون عليه حتى تتضخم الإشاعة فيتضرر منها من لا ذنب له!
(بين قوسين)
"كما وصلني".. عبارة موهمة لا تحمل إلا أنها تريح ضمير "الغبي"!