عبدالله الصالح
على هامش المؤتمر الصحفي الذي عقده قبل أيام وزير التربية والتعليم الأمير خالد الفيصل وأعلن فيه عن الخطة التنفيذية الطموحة والضخمة لمشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم العام، أعلن الرئيس التنفيذي لشركة تطوير القابضة المنضوية تحت مشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم العام أنه سيتم خلال العامين القادمين بناء (16) مستشفى لمنسوبي وزارة التعليم العام والتعليم العالي، وفي ذات السياق أعلنت شركة تطوير عن تنفيذ مشروع الأنشطة المعززة للصحة بمدارس التعليم العام..
هذان الخبران يعكسان بوضوح اهتمام الوزارة بصحة منسوبي التعليم من المعلمين والمعلمات والطلاب والطالبات، لكن الجانب الآخر من الموضوع أن هناك لجنة مُشكّلة من وزارتي التربية والصحة تعمل على إنهاء وإنجاز عملية نقل تبعية الوحدات الصحية المدرسية من وزارة التربية والتعليم إلى وزارة الصحة، وأمام هذه الرؤية الطموحة لوزارة التربية بشأن الجانب الصحي لمنسوبيها، فإنني وبحكم اهتمامي في مجال صحة الأسرة أوجّه هذه الرسالة إلى وزارتي التربية والصحة، وأطالبهما بأن تتريّثا وتتمهّلا في موضوع النقل والتّحول، فالوحدات الصحية الآن في وضعها القائم بوزارة التربية تقوم بدور محوري في الخدمات الصحية لمنسوبي التربية والتعليم من المعلمين والمعلمات والطلاب والطالبات، ولا يمكن لأحد يعرف دور هذه الوحدات وجهدها إلا أن يقدر هذا الجهد ويدرك ثمرته وفائدته.
ويمكن القول إن المملكة العربية السعودية من الدول القلائل التي تسعى إلى تقديم خدمات طبية للطلاب من الجنسين بهذا المستوى الجيد، وعملية النقل في المرحلة الحالية وفقاً لمقتضيات وآليات القرار المبني على توصيات اللجنة العليا للإصلاح الإداري يعني فعلياً وعلى أرض الواقع شلّ وإعاقة الخدمات الطبية المقدمة للطلاب والطالبات، وذلك لأن وزارة الصحة في هذه المرحلة ليست مُهيّأة للقيام بالأدوار المطلوبة منها تجاه المدارس ومنسوبي التربية والتعليم، بمعنى أنها لا يمكن أن تستطيع القيام بنفس الأدوار التي تقوم بها الوحدات الصحية في المرحلة الحالية، وهذا الأمر لا يعود إلى قصور دائم في قدرات وزارة الصحة بقدر ما يرجع إلى أن الوزارة تعيش في المرحلة الحالية ما يمكن وصفه بمعركة إنشاء البنية التحتية الثانية للمشروعات الصحية، والعمل على تجويد خدماتها، وهي بذلك لا تستطيع إدارة ملف جديد يثقل كاهلها، ويؤدي إلى تراجع الخدمات الصحية المقدمة للطلاب والطالبات، في حين أن وزارة التربية والتعليم وبحكم خبرتها الطويلة المتراكمة في هذا المجال وتوفر البنية التحتية لديها من الوحدات الصحية وتجهيزاتها قادرة على تنفيذ هذه الأدوار بانتظام وسلاسة ومستوى عال من الخدمة الصحية الجيدة.
إن من الخطأ التقليل من الأدوار والمهام التي تقوم بها الوحدات الصحية تجاه الطلاب والطالبات، سواء في الجانب الوقائي والتثقيفي أو الجانب العلاجي المتعلق بالرعاية الصحية الأولية، خاصة في ظل النمو السكاني الذي تعيشه المملكة والذي يشكل ضغطا على خدمات الرعاية الصحية الأولية المقدمة من وزارة الصحة، والإسراع في إدماج مهام الوحدات الصحية في وزارة الصحة يعني أن وزارة الصحة ستخسر أحد الروافد الهامة المساعدة في تقديم خدمات الرعاية الصحية الأولية للمواطنين، فالقرار يقضي بأن تُلغى هذه الوحدات القائمة، ويُحول جزء كبير من مهامها ومسؤولياتها إلى مراكز الرعاية الصحية الأولية، وهو ما يعني احتمال إغلاق ما يقارب الـ(330) وحدة صحية على مستوى المملكة، وهذا بلا شك سيكون مؤثرا وتبعاته ستطول مراكز الرعاية الصحية الأولية التابعة لوزارة الصحة، بحكم أن الأعداد الكبيرة من منسوبي التعليم الذين يراجعون الوحدات الصحية سيتحولون في حال تطبيق القرار إلى المراكز الصحية، مما يشكل ضغطاً إضافياً على هذه المراكز، وربما يتسبب في تدني مستوى خدماتها.
إن أفضل طريقة للتعامل مع هذا الملف هو العمل على إرجاء وتأخير عملية الإدماج والنقل إلى أن تَستكمل وزارة الصحة مشروعاتها الإنشائية الضخمة التي تنشأ على امتداد وطننا الكبير، وألا يكون التحول إلا بعد أن تكون وزارة الصحة قد أكملت مشروعاتها الحالية، وعملت على التوسع وتجويد خدماتها، وأصبحت قادرة ومهيأة لتحمل استقبال العدد الكبير من منسوبي التعليم في مراكزها للرعاية الصحية، وكذلك بعد أن تتبلور فكرة إنشاء مستشفيات خاصة بالمعلمين والمعلمات.