الاقتصاد السعودي حقل من الألغام.

على السطح كل شيء هادئ ولكن هناك العديد من الألغام إن لم يتم إزالتها فقد تنفجر في التوقيت الخطأ في يوم ما.

من بينها لغم كبير اسمه الإيجارات التي أخذت منحى تصاعديا منذ عام 2008 ولم تهبط حتى الآن.

إذا انفجر هذا اللغم فإنه سينفجر في وجه كل القطاعات الاقتصادية الأخرى وسينفجر في وجه سوق العمل وسيضع ضغطاً كبيراً على الأجور التي يذهب ثلثها على الإيجار.

بيانات مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات للسنوات العشرين الأخيرة تظهر أن هناك مشكلة في الإيجارات، لأنها كانت مستقرة لسنوات طويلة بل هناك سنوات كانت نسبة النمو السنوي في الإيجارات (صفر).

ومنذ بداية العام الجاري بدأ التصاعد في الإيجارات يتباطأ لتستقر نسبياً في شهري يوليو وأغسطس الماضيين حيث سجلت ارتفاعاً بنسبة 8.9% على المتوسط في كل مناطق المملكة مقارنة بنفس الشهرين من العام الماضي بحسب ما أوضحته أرقام المصلحة.

ولكن لماذا ارتفعت الإيجارات أساساً ودخل الفرد لم يرتفع بصورة كافية؟ في الفترة ما بين 2004 و 2009 ارتفع دخل الفرد السنوي 3000 ريال بحسب أرقام وزارة التخطيط والاقتصاد، أي بمعدل 600 ريال كل سنة وهو رقم لا يعكس الزيادة الهائلة في الإيجارات.

لم يعد دخل الشاب الداخل حديثاً إلى سوق العمل يتماشى مع الإيجارات، والمملكة 60% من سكانها شباب، مما يعني أننا لن نجد مساكن كافية تؤوي السكان في السنوات العشر القادمة.

وهناك استراتيجية "رخيصة" بدأت في الانتشار وبخاصة في جدة حيث يعمد أصحاب العقارات إلى بناء مبان ذات شقق صغيرة ليتمكنوا من تأجير شقق أكثر. بل إن بعضهم تجاوز هذا وعمدوا إلى هدم المباني ذات الشقق الكبيرة القائمة وبناء أخرى ذات شقق أصغر.

وللأسف يتناسى الغالبية أن الأسر السعودية هي أسر كبيرة الحجم. وأظهرت دراسة لمؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي أن المملكة هي أعلى دول العالم من ناحية الكثافة السكانية في الوحدة السكنية الواحدة.

ووفقا للدراسة فإن عدد الأفراد الذين يعيشون في وحدة سكنية واحدة في المملكة يصل إلى 6.4 أشخاص في المتوسط بينما يصل في الهند إلى 5.5 أشخاص وإلى 4.3 أشخاص في مصر و5 أشخاص في ماليزيا.

وأصبح السعودي غير مرغوب فيه لدى أصحاب العقارات الذين لم يعودوا يرحبون إلا بالعمالة الأجنبية ثقة منهم بإنهم ملتزمون بالدفع أكثر من السعوديين، وبذلك أصبحت المباني لا تبنى لأبناء البلد بل للمقيمين فيه.

للأسف، إذا لم تتدخل الدولة للسيطرة على الفوضى والحد من هذا الوضع الغريب فإن اللغم سينفجر لا محالة.