حققت كولومبيا عودة طال انتظارها إلى كأس العالم، بعد غياب 16 سنة، لكن استعداداتها واجهت صفعة مدوية بإصابة قاسية لأحد أبرز اللاعبين في تاريخها.

لطالما حلم الكولومبيون بلاعب من طراز راداميل فالكاو جارسيا، هداف فتاك يرعب أعتى خطوط الدفاع في العالم، تتنازع عليه أبرز الأندية الأوروبية ويصل سعره إلى 60 مليون يورو، لكن ما لم يتوقعه "لوس كافيتيروس" (مزارعو القهوة) أن يتعرض لاعبهم المفضل إلى إصابة قوية في الركبة قبل عدة أشهر تبعده عن فترة الاستعدادات وتضع مشاركته في النهائيات في مهب الريح.

سجل مهاجم موناكو الفرنسي وأتلتيكو مدريد السابق 9 أهداف في 13 مباراة وقاد البلد الأميركي الجنوبي إلى النهائيات لأول مرة منذ فرنسا 1998 والخامسة في تاريخه بعد 1962 و1990 و1994 و1998.

قضى لاعب هاو فرنسي في مسابقة الكأس على آمال الشعب الكولومبي في يناير الماضي، فقال الطبيب الذي أجرى الجراحة لأربطة ركبة فالكاو (28 عاما) في أبريل إنه قد يشارك في النهائيات بيد أنه لم يكون جاهزا 100%.

وتعززت آمال فالكالو بالمشاركة مع كولومبيا في مونديال البرازيل وذلك بعدما انضم لتمارين منتخب بلاده في الأرجنتين بدءا من الاثنين الماضي.

ورغم غيابه عن الملاعب منذ أربعة اشهر، خاطر المدرب الأرجنتيني للمنتخب الكولومبي خوسيه بيكرمان باستدعائه إلى التشكيلة الأولية المكونة من 30 لاعبا استعدادا للمونديال، على أن يقلص العدد إلى 23.

بحال عدم جهوزه، سيكون بيكرمان مضطرا لإيجاد حلول بديلة، علما بأنه وقع في مجموعة معقولة للغاية مع ساحل العاج واليابان واليونان التي تواجهها افتتاحا في بيلو هوريزونتي في 14 يونيو.

لا يواجه بيكرمان أي مشكلات إضافية، خصوصا في الدفاع الذي كان الأفضل في تصفيات أميركا الجنوبية، برغم تلقيه ثلاثية أمام تشيلي.

باستثناء إيطاليا 1990، عندما ضم جيلها الذهبي الحارس الأكروباتي رينيه هيجويتا، وعملاق الوسط كارلوس فالديراما، وخسرت آنذاك أمام الكاميرون في دور الـ16، لم تنجح كولومبيا في تخطي الدور الأول، إذ حققت في مشاركاتها الثلاث الباقية انتصارين فقط وتعادلا وتلقت 6 خسارات.

استهلت كولومبيا مشوار تصفيات 2014 بنجاح، فحصدت نقاطا من مباراتين قبل أن تسقط على أرضها أمام الأرجنتين، ما أنهى حقبة المدرب ليونيل الفاريز.

كان قدوم بيكرمان نقطة تحول فحصد الأرجنتيني 5 انتصارات في المباريات الـ6 التالية، بينها انتصار ساحق على الأوروجواي حاملة لقب كوبا أميركا 4-صفر، واضعا الفريق الأصفر على سكة التأهل.

كان أداء كولومبيا المقنع في قلعتها بارانكيا، أساسيا في حملتها الناجحة، فدفاعها كان الأقوى في تصفيات أميركا الجنوبية وهجومها الثالث بعد الأرجنتين وتشيلي.

نجاح بيكرمان

أحرز خوسيه بيكرمان كأس العالم 3 مرات مع الأرجنتين لكن على رأس منتخب الشباب في 1995 و1997 و2001 ولم يستطع تكرار هذا الإنجاز في إلمانيا 2006 مع فريق الكبار عندما خرج بركلات الترجيح في ربع النهائي أمام الدولة المضيفة.

غادر بيكرمان منتخب التانجو في ظل انتقادات عنيفة لتركه الصاعد آنذاك ليونيل ميسي على مقاعد البدلاء وعدم الاستفادة من الخبير خافيير زانيتي.

كان بيكرمان لاعبا عاديا مع أرخنتينوس جونيورز ثم إندبندنتي ميدايين الكولومبي قبل أن تجبره إصابة قوية في ركبته على الاعتزال بعمر الـ28، فاضطر للعمل بعدة وظائف، بينها سائق أجرة في 1978، عندما أحرزت بلاده كأس العالم لاول مرة، لتحمل نفقات عائلته.

صنع ابن الـ64 فريقا واثقا وقويا بعد قدومه في 2012، أثبت نجاعة هجومية من دون أن يجري تغييرات جذرية في تشكيلته. طلب الجنسية الكولومبية بعد التأهل إلى المونديال، فمنحه إياها الرئيس خوان مانويل سانتوس في اليوم التالي.

كان لافتا التقدم الكبير الذي حققته كولومبيا في عهد بيكرمان، فتقدمت من المركز 35 عالميا في تصنيف الاتحاد الدولي وصولا إلى المركز الخامس في مارس الماضي.

يميل بيكرمان إلى خطة 4-3-3 لكن مع غياب محتمل لفالكاو قد يبدلها إلى 4-2-3-1 معيدا انتشار خاميس رودريجيز لاعب وسط موناكو الفرنسي الموهوب وماكنيلي توريس الذي استغنى عنه الشباب السعودي مؤخرا وراء رأس الحربة الوحيد.

النجم رودريجيز

بعد إصابة فالكاو تحول العبء إلى الشاب خاميس رودريجيز، الذي يشبهه كثيرون بأسطورة الوسط كارلوس فالديراما، لكن اللاعب الذي سيبلغ الـ23 في 12 يوليو، يأمل ورفاقه تفادي مصير المدافع أندريس إسكوبار في مونديال 1994 الذي سجل هدفا في مرمى فريقه خلال خسارة الولايات المتحدة في الدور الأول، ما كلف زعماء الجريمة الملايين من الخسائر في المراهنات، فدفع حياته ثمنا لهذا الهدف.

يفخر رودريجيز بلقب "أل بيبي نويفا" (الولد الجديد) مقارنة مع لقب فالديراما "أل بيبي"، وتسعى عدة أندية إنجليزية لضمه، لكن سعره أصبح مرتفعا بعدما استقدمه موناكو من بورتو البرتغالي مقابل 45 مليون يورو.