يعد الغاز الطبيعي أحد مصادر الطاقة البديلة عن النفط، كما يعد في الوقت نفسه مورد طاقة مهما للصناعة الكيماوية، وتنتج دول الخليج كافة ما يقارب 30% من الغاز الطبيعي عالمياً، وتأتي في الترتيب الثاني من ناحية مخزونها من الغاز الطبيعي بعد روسيا، إلا أنه على الرغم من وفرة الإنتاج الخليجي فإن بعض دول المنطقة كالكويت والإمارات تتجه إلى اعتمادهما على الغاز المستورد لتلبية الطلب على الطاقة، خاصة في فصل الصيف الذي يتزايد معه استهلاك الكهرباء.

المملكة في هذا الصدد تستهلك محلياً كافة إنتاجها من الغاز الطبيعي والذي وصلت احتياطياته لـ288.4 تريليون قدم مكعب خلال عام 2013، مرتفعة عن معدلاتها التي بلغت 284.8 تريليون قدم مكعبة عام 2012، ويرى محللون نفطيون أن إنشاء شبكة غاز خليجية سيكون له مردود اقتصادي على كافة دول الخليج، مؤكدين أن هذا المشروع تمت دراسته بشكل مستفيض، إلا أن مرحلة الإنشاء ما زالت معلقة، مرجعين ذلك إلى وجود عوائق سياسية، ومستثنين أن يكون الجانب الاقتصادي من العوائق باعتبار أن الجدوى الاقتصادية واضحة للعيان.

من جهته، تحدث رئيس مركز السياسات النفطية والتوقعات الاستراتيجية الدكتور راشد أبانمي لـ"الوطن"، مبينا أن مشروع شبكة الغاز الخليجية يعد مشروعاً استراتيجياً ضمن منظومة التعاون الخليجي، لا سيما أن بعض الدول الأعضاء تملك كمية كبيرة من الغاز تكون بها ثاني أكبر منتج للغاز الطبيعي في العالم، موضحاً أن المملكة تأتي في المرتبة الرابعة عالمياً ضمن ترتيب الدول ذات الوفرة في إنتاج الغاز، إلا أنه قال إن كل من الإمارت وعُمان والكويت تعاني من نقص حاد في الإنتاج يتم تعويضه بخام البترول في توليد الكهرباء وتحلية المياه، ما يعد هدراً كبيراً لأحد مصادر الطاقة، إضافة الى كثرة الانبعاثات الملوثة للبيئة الناتجة عنه بخلاف الغاز.

وعن شبكة الغاز الخليجية أوضح أبانمي أن هذه الشبكة لم تكن مجرد مقترح وإنما تمت دراسة هذا المشروع دراسة مستفيضة إلا أن العوائق السياسية والحدودية التي لها بعد تاريخي وإقليمي عرقلت إتمام مشروع شبكة الغاز الخليجية، مبيناً أن المستفيد من إنشائها المواطنون الخليجيون بشكل عام والأجيال القادمة. وقال أبانمي إن تكلفة نقل الغاز ومد الأنابيب تعد عالية جداً إلا أنها بين دول الخليج ستكون بمبالغ هامشية للقرب الجغرافي، لذا لا يمكن مطلقاً أن يكون العامل الاقتصادي عائقا أمام إنشاء شبكة الغاز الخليجية، موضحاً أن تقديرات تكلفة إنشائها إذا نظرنا لخط غاز "نابكو" والممتد من بداية أذربيجان على البحر الأسود عبر تركيا إلى بلغاريا وهنجاريا ثم إلى النمسا لم تزد تكلفته عن 10 مليارات دولار، فبالتأكيد ستكون التكلفة أقل بكثير في حال إنشاء شبكة الغاز الخليجية لقصر المسافة بين دول الخليج، مشيرا إلى أن فائدة هذا المشروع على دول الخليج ستكون باستغلال الغاز المهدر بدلاً من إحراقه، فدول الخليج وخاصة المملكة، تحرق جزءاً كبيراً من الغاز الطبيعي ولا تتم معالجته والاستفادة منه، مبيناً أن هدر الكثير من الغاز الطبيعي في المملكة بسبب أن معالجته مكلفة لكثرة الشوائب المصاحبة له، موضحاً أن المملكة تأتي رابع دولة منتجة للغاز الطبيعي ضمن تصنيف الدول الأكثر إنتاجاً وهي لا تعاني من نقص في الإنتاج ولكن المشكلة تكمن في جمعه ومعالجته.

من جهته، بين المسؤول السابق في أرامكو سداد الحسيني ، أن إقامة مثل هذا المشروع "شبكة الغاز الخليجية" ستعود بالفائدة على المنتجين والمستهلكين للغاز في دول الخليج، وذلك لضمان أسواق أفضل للطرفين، مؤكداً على ضرورة إيجاد اتفاقية لتسعيرة الغاز قبل إنشاء هذه الشبكة، خاصة وأن الغاز خارج منطقة الخليج تتجاوز تكلفته الـ10 دولار للألف قدم مكعبة، بينما داخل دول الخليج من النادر أن تصل تكلفته إلى دولارين.