تراكمات لم تنجل بعد من نفوس اللبنانيين، تعبر عن رفض شريحة كبيرة من التيارات السياسية، لتصريحات مستشار المرشد الإيراني وقائد الحرس الثوري السابق، الفريق يحيى رحيم صفوي، انعكست في إحجام التيارات تلك عن المشاركة في حفل توديع السفير الإيراني في بيروت، غضنفر ركن أبادي. الحفل الذي أقيم بمناسبة توديع السفير، اقتصر من حيث الحضور على ممثل "حركة أمل"، وبعض الوزارات الحكومية وسفراء مجموعة من الدول في لبنان، الذين جاءت مشاركتهم في حكم مقتضيات العمل.

وللتذكير، فقد أثار المسؤول الإيراني - أي صفوي - قبل أسابيع حفيظة الشارع اللبناني، حين قال "حدود بلادنا تنتهي في جنوب لبنان"، في إشارة إلى الضاحية الجنوبية، "معقل" حزب الله، الذراع الإيراني "المسلح" في لبنان.

ومع أن مختلف ألوان الطيف السياسي اللبناني، اعتادت فيما سبق المشاركة في مثل هذه المناسبات، بغض النظر عن الانتماء والمواقف السياسية، إلا أن خلو حفل وداع السفير الإيراني يحمل مؤشرات عديدة، في مقدمتها رفض التدخل الإيراني في الشأن اللبناني، الذي وصل مداه في فترة السفير أبادي.

واعتبر مصدر في تيار المستقبل – رفض الكشف عن اسمه – في تصريحات لـ"الوطن"، أن هذا الموقف الشعبي الذي حدث طواعة وتلقائياً، بمثابة استفتاء حقيقي يشير إلى أن السياسة الإيرانية وكافة من يمثلها، ومن هنا قال "الإيرانيون لا يجدون ترحيباً في لبنان، هناك شبه اتفاق على أن السفارة الإيرانية باتت مصدر قلاقل للمجتمع اللبناني، بسبب التدخلات السياسية التي تحدث منها، وهو ما يعد إخلالاً بشروط العمل السياسي والدبلوماسي المتعارف عليها". وأضاف المصدر "رغم أن هناك شعورا عاما بالراحة بعد انتهاء فترة عمل ركن آبادي، إلا أن القادم لن يكون أفضل حالاً منه، فالسوء الذي اتسمت به فترة عمله لا يمثل شخصه فحسب، بل يمثل سياسة بلاده التي أصبحت مصدر قلق في معظم الدول العربية والإسلامية".

في سياق منفصل، أكد عضو "اللقاء الديموقراطي" النائب مروان حمادة، أن الفرصة لا تزال قائمة لانتخاب رئيس جديد للبلاد من الداخل، انطلاقاً مما سماه بـ"التماسك الحكومي".

وأضاف حمادة: "يجب أن يكون هناك رئيس حكيم. هذه المواصفات لا تنطبق على العماد ميشال عون، ما سينتج عن هذه الانتخابات سيعطي للحكومات شرعية مضافة". وعن الانتخابات الرئاسية في سورية، قال حمادة "الأسد أراد أن يثبت للعالم أنه قادر على القيام بانتخابات رئاسية، كمشهد إعلامي للجمهور".

في سياق آخر، أحال أمس، وزير العدل اللبناني اللواء أشرف ريفي على النيابة العامة التمييزية، شريطا بثته إحدى القنوات التلفزيونية اللبنانية "أم تي في" ووسائل التواصل الاجتماعي، يظهر شباناً على أسطح أحد المباني، يطلقون النار من بنادق حربية في اتجاهات متعددة، ويرددون عبارات تمس الأمن الوطني، وتهدد بفتنة طائفية، وهي جرائم تقع تحت طائلة القانون. وطلب ريفي من النائب العام التمييزي القاضي سمير حمود، كشف هوية الفاعلين، وإجراء التعقبات بحقهم، وإنزال أشد العقوبات بهم.

وقد أظهر مقطع الفيديو مسلحين من عناصر حزب الله يطلقون نيران الأسلحة الرشاشة بشكل كثيف، متوعدين "قصر بعبدا" - أي القصر الجمهوري الخالي حاليا - من رئيس للبنان، بـ"التحرير".

وفي الحوادث الأمنية اندلع حريق كبير فجر أمس في مخيم للنازحين السوريين في سهل بلدة جديتا بالبقاع، من دون أن يؤدي إلى وقوع إصابات. إذ التهمت النيران نحو 35 خيمة يقطنها نازحون سوريون على خلفية الانتخابات السورية، وسبق اندلاع الحريق، توزيع منشورات في عدد من القرى البقاعية، رفضا لانتخاب الرئيس السوري بشار الأسد.

ويتخوف لبنان من يوم الثلاثاء المقبل يوم الانتخابات في سورية، إذ تم وضع 3 صناديق اقتراع داخل الأراضي السورية على الحدود اللبنانية، ما يعني أن مخابرات النظام السوري وشبيحته، سينظمون مسرحية انتخابية مشابهة لمسرحية الانتخاب داخل السفارة، بعد ما بدؤوا يضغطون على النازحين عبر استغلال حاجاتهم الإنسانية، وقطع المساعدات عنهم، وتهديدهم في عملهم، ونزع إقامتهم لتصبح غير شرعية في لبنان، بالتنسيق مع حزب الله المعروف بنفوذه داخل بعض المؤسسات الأمنية.