فتيات في مقتبل العمر تسوء بهن الحال مع أسرهن ليبحثن عن ملجأ يوفر لهن الأمان، ولكن الضياع في انتظارهن، وفي أحداث متكررة هربت الفتيات من دور الحماية الاجتماعية بدلا من أن تكون الملجأ الآمن في الوقت الذي يصعب فيه التعايش مع الظروف الآنية، ففي عام 2011 لجأت فتاة عشرينية إلى إمارة المنطقة الشرقية إثر التجويع الذي تعرضت له والمعاملة السيئة التي كانت تعاني منها، وفي نوفمبر من عام 2013 لجأت إحدى الفتيات إلى هيئة حقوق الإنسان في أبها لسوء المعاملة التي وصلت إلى التهديد بإعادتها إلى أهلها، وتتواصل تبعات العنف على كافة الأصعدة ليحدث التمرد كما في دار الحماية بأبها في الأسبوع الماضي، وهذا ما يظهر لنا مما تتداوله الأخبار وما خفي كان أعظم.

رصيد الفتيات الهاربات في تصاعد مستمر وبشكل سنوي كما أسفرت عنه تقارير هيئة حقوق الإنسان، وهذا يحدث في مجتمع يصف نفسه بالمجتمع المتدين والمحافظ على القيم لكنه بالمقابل لا يحترم المرأة، ولا يرحمها، فالمشكلة تبدأ من العنف بداخل الأسرة، ثم الخروج من هذه الدائرة إلى واقع يحتمل كثيرا من الأخطار، وقد تتنامى هذه الظاهرة لينتهي بنا الحال إلى نتائج وخيمة لا يحمد عقباها.

حصار الإنسان وتعنيفه يعني أن تقتل عقله وأخلاقياته، فالاحتقان النفسي يلزمه قسرا بأن يحول طاقاته إلى النحو السلبي ليكون شخصا آخر على عكس ما يريد، فحينما نتحدث عن دور الإيواء ورعاية الفتيات، سيكون من الصعب علينا استيعاب النسبة الكبيرة منهن ممن يقعن تحت تصنيف الهاربات من المنازل، وهذا دليل على وجود التفكك الأسري بنسبة عالية إزاء الحرمان من أبسط الحقوق والآليات التي تنظم المجتمع، وأحد أوجه السلبيات الناتجة يتمثل في هروب الفتيات اللاتي يتقاذفهن الجحيم من سوء الأهالي إلى المؤسسات الرسمية التي تفتقر لأبسط مؤهلات التربية والرعاية.

إذا كان أمن المواطن ذكرا كان أم أنثى يقع تحت مسؤولية جهات حكومية فعليها أن تنظر إلى حالة المرأة والطفل بداخل الأسرة بما يكفل الحق في الشعور بالأمن على الأقل، ويقابل ذلك المسؤولية التي تقع على وزارة الشؤون الاجتماعية بمقابل المصروفات الضخمة التي تنفقها دون مخرجات حقيقية تنعكس عن إنشائها لتفعيل قيم التكافل الاجتماعي المفترض أن يكون سمة من سمات الدور التي تنشأ تحت رعايتها.