يقدر خبراء القلم وما يسطرون أن كمية المعلومات المتوفرة كانت حتى عام 2002م في حدود 5 إيكسابايت (Exabytes) وهو رقم أمامه 18 صفرا؟! وهي تساوي كمية الكتب الممتدة على رف طوله عشرة أمتار لكل فرد في العالم، وهي في زيادة، فالجوجل بين يديه حاليا تسعة مليارات موقع، ومن أراد أن يكتشف اللصوص الذين يسرقون مقالاتي فليذهب إلى جملة من مقالاتي ويجوجلها؟ فهذا من بركات الجوجلة في كشف لصوص الأفكار وحرامية المقالات، لأنه ليس من المعقول أن أشتغل على بحث عشرة أيام فيأتي اللص صبحي درويش وبكبسة زر ينسخ عرق وجهد الليالي في دقيقة ثم يرصع بها اسمه الكريم؟

لقد ذهلت من عشرات المقالات المسروقة لي والتي نشرت في موقع الحوار المتمدن الذي كشفته بالصدفة فقلت الله أعلم أين وصلت السرقات، فهذا من بركة الجوجل ودنيا المعلومات.

إن السيد بروستر كالي (Brewster Kahle) خبير الكمبيوتر قد وضع خطة عملاقة منذ عام 1996 م لنسخ التراث الإنساني وكافة المعلومات التي أحاط بها الجنس البشري علما، ومثلا فالمكتبة الوطنية الألمانية في بافاريا فيها تسعة ملايين كتاب، ويموت كل يوم العديد من الكتب بالتفتت، ذلك أن كل الورق المستعمل بين عامي1845م و 1980 م كان من النوع الحامض القابل للتآكل والنخرة بالسوس والعت، ولذا يجب وبسرعة نسخ كل التراث الإنساني؟ بكلمة أدق ما نلحق من نسخه وبالديجتال، لأن مشكلة النسخ ووسيلتها هي أيضا لها باب خاص فلا يصمد شيء، فأين وكيف وبماذا يجب حفظ الملعومات؟

لقد نجح هذا الرجل بواسطة النت والديجتال وبروبوتات خاصة أن ينسخ دجتلة 85 مليار موقع و120 ألف فيلم و400 ألف وثيقة و250 ألف صوت إنساني؟ وهو يطمح ويعمل على مشروعه بحيث يكون قد نسخ حتى عام 2015 م أزيد من 15 مليون كتاب، وهو حاليا وبواسطة الروبوتات المتقدمة ينسخ شهريا 25 تيرابايت أي ما يعادل مكتبة الكونجرس الحاوية على 8 ملايين كتاب؟

لقد كتبت فيما سبق عن مشروع فرايبورج الألماني لحفظ التراث الألماني في أنفاق عند الغابة السوداء، ولكن التفكير الإنساني يحسب حسابه لكل شيء، كما قال ربي "وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم"، فهناك اليوم الحفظة البررة للتراث الإنساني الذين يفكرون حتى في نقل ذلك إلى سطح القمر على فرض هلاك الجنس البشري ودمار الأرض؟

فأما الألمان فقد حفظوا 600 مليون وثيقة في جبال فرايبورج ببراميل من حديد فيه بأس شديد، وأما النرويجيون فقد فكروا في غذاء الجنس البشري والنباتات من طماطم وبطاطا ووردة وزهرة وخيارة وتفاح فحفظوا بذور 4,5 ملايين نبتة في جبال القطب البارد أسفل القطب الشمالي بـ 620 كم في أوعية من فضة قدروها تقديرا؟

أما الصحفيون في أمريكا في منطقة سليبري روك فقد حفظوا في ثلاجات 13 مليون صورة لكل ما صور من الأحداث، وهناك مكتبة الكودات الوراثية التي تضم حوالي 200 مليار كود، وأبو النمل أوزبورن عازم على وضع انسكلوبيديا تضم 180 مليون صفحة عن كل الخلائق، أما الجني كريك فنتر الذي سبق في كشف الكود الوراثي الإنساني؛ فهو يدور العالم على ظهر يخت ويفك بطريقته الجديد كودات كل الخلائق الموجودة فوق البسيطة، بل لقد فك كود إنسان نياندرتال الذي لم يعد موجودا؟

وهناك من اخترع حجر رشيد الجديد وهي شرائح من التيانيوم بمساحة 5 سنتيمترات مربعة فيها 200 ألف صفحة من حجم (A4) ولكن تحتاج لمجهر إلكتروني لقراءتها.

والسيد بروستر كالي يتفاءل أنه في مدة العقدين القادمين يكون كل تراث الإنسان قد حفظ في الصوت والصورة والوثيقة.. ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبا؟