النظام الذي بين أيدينا ليس قرآنا منزلا حتى لا تتم مراجعته أو التعديل عليه. هذه قوانين وضعية قابلة للتعديل والتطوير والحذف والإضافة؛ بما يتماشى ومصلحة الوطن ومستقبله وثرواته الطبيعية والبشرية وغيرها.
أحمد شاب يعيش على أرض هذا الوطن، ولا يعرف وطنا غيره. يروي لي قصة محزنة ومخجلة في ذات الوقت. أرجوك قبل أن تواصل قراءة المقال أن تتخيل أنه صديقك، قريبك، جارك، زميلك، وجاء إليك شاكيا: ماذا ستقول له؟!
يقول في فصولها التراجيدية الطويلة. في عام 1424 صدر قرار ملكي بتجنيس حملة بطاقة القبائل النازحة. تم تجنيس 90% تقريبا بما فيهم أشقائي الكبار، حتى عام 1427، إذ تم إيقاف التجنيس حتى اليوم. كان عمري 15 سنة حينها، ولم يشملني ذلك القرار.
مضت السنون وتخرجت في الثانوية، التحقت للدراسة بجامعة الجوف بتخصص لغة إنجليزية، تخرجت عام 1434 بمعدل 4.47 الثالث على الدفعة مع مرتبة الشرف. طلبت الإعادة في جامعة الجوف وتم رفضي؛ لأنني لا أحمل بطاقة أحوال، تقدمت لجامعة الحدود الشمالية وتم رفضي، تقدمت للابتعاث الخارجي وتم رفضي. طلبت الدراسة على حسابي الخاص فتم رفضي؛ لأنني لا أحمل جواز سفر. تقدمت لإكمال الدراسة داخليا في جامعة الإمام فرفضوني، تقدمت لجامعة الملك سعود ورفضوني.
بحثت عن عمل. تم قبولي مبدئيا بوظيفة مترجم في وزارة العمل فتم رفضي لذات السبب. تم قبولي في وظيفة مترجم في مدينة الأمير سلطان الطبية العسكرية وتم رفضي أيضا. تم قبولي في الشؤون الصحية للحرس الوطني بوظيفة مترجم واجتزت المقابلة والاختبارات بنجاح وتم رفضي كذلك. اجتزت اختبار قياس للمعلمين بنجاح، ولم أستطع التقديم بسبب أن نظام جدارة يرفض أمثالي.
"أخي صالح: لو كان لي ذنب حدث بسببه كل ما حدث والله لن أعترض على شيء؛ ولكن لا ذنب لي في شيء. ماذا أفعل؟ إلى أين أذهب؟".. انتهت رسالة "أحمد".