إشارة إلى ما نشر في "الوطن" بالعدد رقم 4986 يوم الأحد 26 رجب 1435 تحت عنوان "من سرق أموال تعليم حائل؟" للكاتب فواز عزيز.
يتساءل الكاتب عن أموال حائل ومن قام بسرقتها؟، وأنا بدوري أيضا أسأل الكاتب نفس السؤال.. هل بالفعل كانت هناك سرقة لأموال التعليم؟ وهل تيقن الصحفيون والإعلاميون من هذا الأمر، قبل الخوض في موضوع القضاء وأحكامه؟ والتشهير بالمتهمين في مرحلة التحقيق وبعد براءتهم؟!
هناك قصة حدثت في عهد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حيث جاء رسوله وأخبره بأن قوما امتنعوا عن الزكاة وكادوا يقتلونه، فجهز لهم الجيش، فنزل قوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين"، والذي يرى أذن الناقة ليس كمن رأى الناقة بأكملها، وعرف خباياها وأسرارها، فمن أول وهلة كان مطلبنا الوحيد هو إحالة القضية إلى محاسب قانوني معتمد؛ لمعرفة إن كان هناك اختلاس أو سرقة للمال العام أم لا؟، ولكن لم يتحقق لنا ذلك الطلب كدفاع؟ ولكن تحقق عندما قال القضاء العادل كلمته الأخيرة.
الكاتب قد حكم على المتهمين حتى بعد براءتهم، إذ إنه أورد في مقاله حكم المحكمة ببراءة المتهمين في فساد تعليم حائل، فمن أين جئت بمصطلح الفساد؟ وهل تيقنت من وجود الفساد في تعليم حائل بالفعل؟
إن القضاء مظلة واسعة ترفرف العدالة في وسطه، وهو الفيصل في الحكم بمثل هذه الأحكام، ولأنه ينظر بعين غير التي يرى الآخرون بها، فالقضاة يحكمون بقناعتهم، وينتظرون الرضا من ربهم، ولا يقضون بعلمهم، وإنما ما يقع بين أيديهم من أدلة، ولو كنا سنقوم بمطالبة جهات التحقيق المختلفة عن كل قضية يصدر بها حكم ببراءة أي متهم لكان جميع أعضائها في السجون؛ ولأن عملها يقوم على هذا الأمر، وهم مجتهدون كما أن جهة الدفاع تجتهد أيضا في الدفاع عن موكلها، وفي النهاية القضاء هو الفيصل بينهما، فليس كل من اتهم صار مدانا، ولا كل من وقع خلف القضبان صار مجرما، انطلاقا من القاعدة الشرعية والقانونية "المتهم بريء حتى تثبت إدانته"، فالعدالة طريقها آخر غير الذي ينظره الناس العاديون.
وفي آخر المطاف، أقول للأستاذ فواز عزيز، إن القضاء قد قال كلمته الأخيرة، وعلى الجميع احترام حكمه، سواء كان بالبراءة أو الإدانة، فهذه أصول التقاضي وثقافة الخصومة، اللتان تعلمناهما في مسيرتنا المهنية والعملية.
المحامي / كاتب فهد الشمري