أيام، وستقول لكم الصحف - على الصفحة الأولى - بأن "5 ملايين طالب وطالبة يعودون لمقاعد الدراسة"، مع العلم أن هذا الرقم لم يتغير منذ سنوات، برغم كل التحولات في معدلات الخصوبة، والتغيرات في التراكيب المجتمعية والاقتصادية، وكأن الرقم شيء له أن يبقى ثابتا رغم كل شيء.. ما لم تختلف الأشياء هذا العام.
سيجيء المعلمون ويقولون لتلاميذهم "من جد وجد"، وأن التعليم (وحده) هو المستقبل، وهذا غير صحيح جملة وتفصيلا، ومن هنا - وطالما أننا ما زلنا في بر العطلة - فأود من الإخوة المعلمين والأخوات المعلمات عدم تجميل الواقع للتلاميذ، وإنما يجب إخبارهم بالواقع كما هو، وأن "الواسطة" أهم من الكفاءة، وأن "المال" يغني عن كثير من الشعارات، وأن مكالمة واحدة كفيلة بنسف معسكر من الشهادات والدرجات العلمية والأكاديمية.. للأسف!
ومن مقال سابق كتبته قبل سنوات، أستعين بإدانة المعلمين.. فهم الذين جمّلوا لنا مهنة الطب، وأغرونا بهذا التخصص، لكنهم لم يخبرونا بأن أطباء البلد يتم استقدامهم من الخارج! وهم أيضا الذين أوهمونا بأن البلد يبنيه المهندسون، ووحدهم من يعيد تشكيل جمال المدن.. لكنهم أغفلوا إيضاح حقيقة أنهم غير مرغوب بهم في وطنهم، وأن أسعارهم لا تساوي شيئا مقارنة بما يصنعون! هم ذاتهم المعلمون، لم يخبرونا بأن الطيران يقوده (أيضا) غيرنا.. والتعليم لا يقبل بنا غالبا؛ وأن جميع الفرص المهنية التي رسموها لم تكن سوى خرابيش طفولية نثرت على أوراق غابت في مطاحن الزمن..
وأخيرا.. وباسم كل من يتفق معي، أقول: ليتهم صدقوا معنا، ليتهم قالوا إن المستقبل مختلف عن عالمهم المثالي. ليتهم أخبرونا عن مستقبل اللاعب الكروي، والفنان الموسيقي، والممثل، لنكون أطباء في الكرة، ومهندسين في الموسيقى وطيارين بين أزقة الكوميديا! لذا، لا تستجيبوا لهم مجددا، ولا تستمعوا لمثالياتهم وشعاراتهم.. وأنتم أيها المعلمون، لا تفسدوا جمال المستقبل بألاعيبكم.. كونوا صادقين، اقتلوا "مصطفى" الذي اعتدتم الترويج لبضاعاته المستقبلية، وتوقفوا عن المتاجرة بأحلام الصبية! والسلام.