حملة إعلامية كبيرة يقودها كثير من الإسلاميين ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، المعروف بـ"داعش"، الذي يعيث فسادا في المناطق ذات الأغلبية السنية من العراق وسورية.

ممارسات هذه الجماعة تتحدث عن نفسها، ولا تحتاج إلى من يبين للناس مدى ضررها التدميري لكل مكتسب، ومدى التشويه الذي تسببت فيه للإسلام والمسلمين.

ولكن ما يلفت الانتباه، أن كثيرا من الغلاة والمتشددين قد انخرطوا أيضا في الحملة ضد داعش، متجاهلين أن داعش ما هي إلا نتيجة حتمية لأفكارهم المتشددة والمتطرفة، وإقصائهم لكل من يختلف معهم، ورمي من اختلف معهم في أي رأي شرعي أو حتى سياسي بالكفر والفسق والبدعة والمروق من الدين، والخيانة وموالاة الأعداء وحرب الإسلام والمسلمين.

داعش لم تأت بفكر جديد، ولم تتبن منهجا أتى من الخارج، هي فقط نقلت أفكار هؤلاء الغلاة، الذين ينتقدونها الآن من حيز الأفكار والتنظير إلى حيز التطبيق، هذا حصاد زرعهم الذي زرعوه بأيديهم، لقد ساروا بهؤلاء الشباب الطريق كله، وتوقفوا قبل آخر خطوة وهي خطوة التطبيق، وعندما تقدم الشباب وخطوا هذه الخطوة التي لم يكن عنها بد، وبدؤوا في تطبيق وتنفيذ ما تعلموه على أيديهم، انقلبوا عليهم ووصفوهم بأوصاف ليست داعش بأولى بها منهم.

الطريف في الأمر، أن بعض هؤلاء الغلاة من منتقدي داعش يثنون في الوقت نفسه على القاعدة وفرعها الآخر في سورية، ويثنون على زعيم القاعدة، ويطلقون عليه لقب حكيم الأمة، ويطالبون أنصار داعش بالتوبة من منهج الخوارج، والرجوع إلى منهج القاعدة! والأطرف من هذا والأعجب، هو رؤية القاعدة نفسها وأنصارها يتهمون أنصار داعش بالغلو وتبني منهج الخوارج!.

ظهور داعش بكل هذا التوحش والبشاعة، لا بد أن ينبهنا إلى خطورة الأفكار المتطرفة، والتساهل مع نشرها وتلقينها للشباب، الذي أثبتت ممارسات داعش وغيرها من الجماعات المتطرفة، أن التساهل مع مثل هذه الأفكار عواقبها وخيمة، وعلى هؤلاء المتشددين من منتقدي داعش، أولا: الاعتراف بأخطائهم، وثانيا: مراجعة أفكارهم المتطرفة وخطابهم التحريضي والتراجع عنه، وبعدها قد يكون نقدهم "داعش" مقبولا.