قبل أسبوع تقريبا، وتزامنا مع قصة "انتحار" الممثل الأميركي الشهير "روبن ويليامز"، كتبت مقالة عنونتها بـ"هل سمعت عن (سياحة الانتحار)؟! وتحدثت عن الذين يسافرون إلى دول أخرى، من أجل الانتحار، أو السفر إلى دول وأماكن تتسامح قوانينها مع فكرة الانتحار، وهو الأمر الذي قوبل بكثير من الاستغراب من قبل البعض، وعدم التصديق من آخرين.. ومضى!
وبعدها بأيام، وانتصارا للمقالة مصادفة، أظهرت دراسة حديثة، نشرت في صحيفة "جورنال أوف ميديكال إيثيكس" البريطانية، أن "سويسرا" شهدت ارتفاعا كبيرا للغاية في عدد المرضى المصابين بأمراض خطيرة والذين يسافرون إليها بقصد الانتحار بمساعدة آخرين، في صورة من صور "القتل الرحيم"، عن طريق ما يعرف باسم "سياحة الانتحار"، وخلال هذه الدراسة قام العلماء بمعهد الطب الشرعي في "زيورخ" بفحص بيانات 611 شخصا ممَن قدموا إلى سويسرا بغرض تلقي مساعدة للانتحار بين عامي في 2008 و2012، وتبين أن 286 منهم جاؤوا من ألمانيا، و126 من بريطانيا و66 من فرنسا.
وأزيدكم من الموت رقما، أنه في "زيورخ" وحدها تضاعف عدد الأجانب الذين يأتون إلى "سويسرا" للانتحار في غضون أربعة أعوام فقط، ونصفهم (تقريبا) كان يعاني من أمراض عصبية، كالشلل والشلل الرعاش والتصلب العصبي المتعدد، في حين تأتي الأمراض السرطانية والروماتيزمية في المرتبة التالية بعد تلك الأمراض.. كما ازداد -أيضا- عدد الأشخاص الذين يأتون إلى سويسرا لنفس الغرض وهم لا يعانون من أمراض خطيرة أو مميتة في الآونة الأخيرة.
وأخيرا، وطالما أن الحروف لا تتحدث إلا بلغة الموت، فيؤسفني أن أخبركم أن جميع الأشخاص الذين يأتون إلى "سويسرا" للموت، توجهوا إلى منظمة "ديجنيتاس" السويسرية المعنية بالمساعدة على الانتحار، التي يدور حولها جدل كبير في ألمانيا، حيث تتراوح الفئة العمرية التي تقوم بهذه النوعية من السياحة ما بين 23 و97 عاما، وتصل نسبة النساء بينهم إلى 60%، وقد تمت مساعدة جميع هؤلاء الأشخاص تقريبا على الانتحار باستخدام العقاقير المنومة.. ولا أقول بعد هذا إلا "عيشوا الحياة بحب"! والسلام.