لا شك أن تويتر أحدث صدمة لدى بعض المثقفين الكبار، والتنافر بين الآراء والصدام الذي أحدثته حرية المساحة التي يمنحها، على عكس نمط الحياة غير التفاعلي في أرض الواقع لم يجد قبوله التام لديهم، فقد كانوا في الماضي ينطلقون من المساحات التي يختارونها لأنفسهم، وينسق الكاتب أفكاره وهو منسجم مع نفسه أثناء الكتابة، ومن خلال الأجواء التي اعتاد أن يشارك فيها أصحابه أو يحاورهم عن أفكاره، والذين لا يكونون عادة من دون مستواه الفكري، لكنه لم يكن يتوقع ردة فعل تصادمه أو تقلل من احترامه، فيصعب عليه مواجهة الآخر حال يكون التيار المخالف عاصفاً حد القسوة والبذاءة.

من الصعب أن يقنن الشخص متابعيه أو يختار لردود أفعالهم أنماطاً تتناسب مع ذوقه، وهو يشعر بضرورة البقاء بينهم، ونعلم أنه من المحبط أن توجه كلمة تحمل معاني جادة وتقابل بمن يستهزئ في رأي فارغ خالٍ من القيم، فحين تكتب العبارات السيئة وتشوه المتنزهات الجميلة والأماكن العامة، أو على أسوار المنازل والمدارس، رغم أنه اعتداء ومفسدة للذوق إلا أنه ليس من المنطق أن نطالب بمنع بيع الفحم مثلاً أو بخاخات الرسم على الجدران، فنحن بحاجة إلى العقلية المرنة التي تتماشى مع معطيات الواقع وحاجات الشباب، وليست التي تنقلب عليهم، يريد الشباب من يوجههم وبحاجة أيضاً إلى من يتفهم تطلعاتهم ويتعايش معها ليبقى قريباً منهم.

تويتر يشكل موقعاً افتراضياً وحرية رأي، والتعامل من خلاله يشبه أن تنزل إلى الشارع وتتعامل مع أصناف الناس بطريقة لم يألفوها، فالمرونة الفكرية مهمة، والسلبيات التي تحدث في مواقع التواصل الاجتماعي على غير العادة هي تبعة صحية لإحداثها تفاعلا بين الرأي والآخر بطريقة لم تتح في الواقع، وبدأت تظهر انعكاساته على السلوك، والمثقف الناشئ استطاع التكيف معها، فهو يتناول القضية ويتوقع الإساءة ويتعامل مع المسيء كحالة مرضية أحيانا، ويدرك أنه ليس إلا أداة بيد الفكر الذي وجه عواطفه من دون أن يغذي عقله.