الحديث عن قيام علامات الساعة يصيب البعض بالتوجس والرهبة، بالشكل الذي قد يجعل الفرد يتوقف مع نفسه قليلا؛ لمراجعة سجل أعماله في الدنيا، فيما يظن نفسه مقصرا أو غير واثق بما قدم لآخرته؛ لأن الحديث عن النهاية وظهور العلامات يعني اقترابها، وعلى حسب الأحداث التي أخبرت بها النصوص الدينية ونسبة إلى هذا المخطط الزمني، فإن هناك الكثير من المؤشرات التي حدثت وأدركها المتدينون، كدلالات للتغييرات والتحولات التي تطرأ على أحوال الناس، وهي أن يشكلها البشر وتتموضع في عاداتهم الاجتماعية بطريقة تقف في مواضع مخالفة لنمطية عيش الإنسان التي وجه إليها الدين نفسه.
إذا توقفنا عند الدلالة التي تقول: "أن تلد الأمة سيدها"، فإننا ندرك أن هذا قد جرى في حياة الإنسان منذ العهود القديمة، أي قبل الإسلام وبعده، وإن جاء الإسلام لتصحيح ذلك المسار، فإن الأمر لم يستمر طويلا بعد وفاة الرسول وخلفائه الأربعة، إذ بات للسيد أن يتزوج ما شاء من الإماء، وإن أنجبت الأَمَة فالمولود ينسب إلى أبيه السيد، بينما تظل الوالدة جارية مع التطوير البسيط لوضعها داخل إطار حريمه، أي أنها آلة للإنجاب فقط.
كذلك الحال لدى المرأة المحكومة بسلسلة معقدة من النظم المدنية والاجتماعية، فهي في مقام الأَمَة التي امتلكها سيدها، ونطاق حريتها لا يتعدى مستوى إشرافه، فليس لديها قدرة نافذة لتقرر مصيرها، أو في أبنائها كما يمكن لوالدهم، ولا يمكن لامرأة في مجتمعنا أن تتصرف في شأن أطفالها مثلا دون العودة إلى أبيهم، ورغم أن مجتمعنا مسلم، فإن الكثير من الرجال يستغل هذه السلطة، ويتجاهل موضعه الأساس الذي جاء به الإسلام، بل يظن أن الإسلام جاء من أجله.
فإن كانت الأمة قد ولدت سيدها، فإن الظاهرة تطورت تجاه المنحدر، فهي تلد سيدها اليوم، وهي تبلغ الأربعين ولا تكبر على أسيادها، إنما تعامل كالقاصرة بينما يُعدّ ولدها العشريني وليا لأمرها!