على الرغم من عدم تدخله بالسياسة إلا أن موقف رائد المدرسة التكعيبية في الفن التشكيلي بابلو بيكاسو المناهض للدكتاتور الإسباني فرانكو يحسب له على العكس من مواقف كثير من مثقفي العصر من الطغاة، إلا أن ما لا يحسب له هو علاقاته النسائية المتعددة وبعضها لا يناسب مرحلته العمرية ونضجه الفكري، غير أن شهوات المرء قد تغلبه حتى وإن كان من رواد الفن التشكيلي.

بيكاسو المولود عام 1881 وصاحب لوحة الجورنيكا الشهيرة التي أرخت للحرب الأهلية الإسبانية، بدأ منذ بدايات القرن العشرين بالتنقل بين برشلونة وباريس، وفي العاصمة الفرنسية تعرف على البوهيمية الفرنسية فيرناند أوليفير لتصبح لاحقا عشيقة له، ورسمها في عدد من لوحاته ضمن مرحلة ما بعد الحرب العالمية الأولى، لكنه في عام 1918 تزوج من راقصة الباليه الروسية أولجا خوخلوفا، وهي بدورها عرفت بيكاسو على الطبقة المخملية في المجتمع الباريسي.

بعد زواجه بتسع سنوات وفيما هو يقترب من الأربعين ولديه ابن من زوجته الأولى التقى بيكاسو مع المراهقة الفرنسية ماري تيريز والتر ابنة السبعة عشر عاماً، ليبدأ معها علاقة جديدة، منهيا زواجه من راقصة الباليه بطريقة ودية على أساس الانفصال وليس الطلاق، وتلك كانت حركة من بيكاسو كيلا يتخلى لزوجته عن نصف ممتلكاته بحسب القانون الفرنسي آنذاك، واستمر الزواج ورقيا لغاية وفاة أولجا عام 1955.

وعلى الرغم من إنجاب بيكاسو لابنة من عشيقته ماري تيريز إلا أنه أصر على عدم الزواج منها، وظل يحدوها الأمل بذلك لغاية وفاته عام 1973، ثم انتحرت بعد رحيله بأربع سنوات. وخلال فترة علاقته معها أو بعدها كان في حياة بيكاسو عدد إضافي من العشيقات، منهن المصورة الضوئية اليوغوسلافية دورا مار التي سئم منها عام 1944 عند خروج الألمان من باريس ليبدأ علاقة جديدة مع طالبة للرسم تصغره بأربعين عاما اسمها فرانسوا جيلوت، وأنجب منها ولدا وبنتا خلال خمس سنوات، وعاد بعدها إلى طبيعته ليدخل في علاقة جديدة لمدة ثلاث سنوات مع فتاة تصغره بخمسة وأربعين عاما تدعى جينفييف لابورت، وبعد تجاوزه السبعين من العمر تغير الحال معه، ولم يعد مهتما بالنساء والعلاقات معهن إلى أن تعرف على صانعة الفخار جاكلين روك فأصبحت عشيقته ثم تزوجها عام 1961 وهو في الثمانين من العمر ليقطع الطريق على محاولات عشيقته السابقة فرانسوا في تثبيت الزواج لضمان حقوق ابنيها منه كورثة شرعيين.

ربما ترك بيكاسو إرثا فنيا بارزا وخالدا، إنما المرارة التي رسمها لدى الكثير من النساء وأبنائهن تستحق الوقوف عندها أيضا.. ولكم الحكم.