واستكمالاً لما كتبته بالأمس، سأقول اليوم إنه حتى في كثير من الجهات الحكومية أيضاً "صمت.. وكسل". نحن اليوم، أو بالأصح آلاف من شبابنا يتعرضون لتغذية مشبوهة في القبو الأرضي من حياتنا الاجتماعية ولكن الكارثة أن هؤلاء يدخلون القبو ويخرجون منه جهاراً نهاراً من السلم والمصعد ذاته الذي تخرج وتدخل منه كتائب آلاف الموظفين الرسميين المسؤولين أمام الله وأمام الشعب عما يتعرض له هؤلاء من أفكار مشبوهة. خذوا هذا المثال كتشريح للمدخل: حين تيقن أصحاب الفكر الحركي المشبوه أنهم مكشوفون أمام المجتمع، وأن الاصطياد عبر المعسكرات والأندية الموسمية والمنابر والمخيمات بات من الصعوبة بمكان لجؤوا إلى أقبية العمل اللارسمي. وأنا متأكد تماماً أن كل الأجهزة المعنية بالشباب، من التعليم إلى الأمن، ومن الأوقاف ومكاتب الدعوة إلى الشؤون الاجتماعية، تعرف تماماً أن مئات الاستراحات الصغيرة خارج المدن السياحية، وفي الأطراف المهجورة من الطائف حتى أبها تعج بآلاف الشباب الصغار جداً في السن والاستيعاب والتجربة. وزارة الأوقاف تعلم تماماً أنهم خرجوا في جماعات صغيرة من مئات المساجد تحت تحويلة اسمها "برامج العمرة" الشبابية مثلما تعرف أن الكعبة الشريفة في مكة وليست في مدينة أخرى.

وزارات التعليم وهيئاته الواسعة المختلفة تعرف من وكيف ومع من خرج هؤلاء الشباب. مئات الباصات المشحونة بهؤلاء الشباب تمر عبر عشرات نقاط التفتيش. وزارة الشؤون الاجتماعية تدرك تماماً كيف أن بابها الخلفي بلا حارس، بل بلا سور. تعالوا للسؤال الجوهري: ما هو العمل العظيم الذي يحتسبه عند الله مئات المشرفين المتطوعين على هذه الباصات والاستراحات النائية كي يرفه ويسلي عن هؤلاء الشباب الصغار في استراحة شرق خميس مشيط أو جنوب الباحة؟ كيف تدبر هؤلاء المشرفون أمور صيفهم ليتركوا أطفالهم وأسرهم تطوعاً للترفيه والتسلية عن أولاد خلق الله؟ أسئلة لا جواب لها إلا الأهداف المفضوحة تحت سمع وبصر، وصمت وكسل الجهات المختصة. بعدها يأتي السؤال الأعمى الغبي: لماذا ترقص داعش "القزوعي" في المقطع اليوتيوبي الشهير مثلما رقصت كتائب القاعدة على أناشيد مدارسنا العامة؟! القاعدة ومن بعدها داعش رفعت رأسها في أفغانستان والشام ولكننا بلا مواربة أو كذب وخداع للنفس والمجتمع نعرف: أين بقية الجسد. كل ما في الأمر أن مصانع الإنتاج والتفريخ انتقلت من الشارع إلى القبو. الكارثة أن القبو مفتوح ومفضوح أمام الجميع لكنه... الصمت والكسل.